• الخميس. نوفمبر 9th, 2023

سيجرُفُكَ سَيْلُ الدِّماءِ

أبريل 8, 2022

كلمة رئيس التحرير/ سام نان

أحفظ منذ صباي قصيدة الشاعر الكبير أبي القاسم الشابي والتي قال في نهايتها:
سيجرُفُكَ السَّيْلُ سَيْلُ الدِّماءِ ويأْكُلُكَ العَاصِفُ المشتَعِلْ
وقد شغلت هذه الكلمات ذهني هذا الأسبوع عندما قرأت على الإنترنت ما تفعله روسيا في أوكرانيا، وكيف يعمل الإنسان على سفك دماء أخيه الإنسان دون أي وازع من الرحمة والشفقة.
لقد جرت الدماء على الأرض كالسيل الجارف وطارت القذائف الريح العاصف.
ولكن هل يعلم سافك الدماء والمحارب والذي يعمل على إبادة البشر أن سيل الدماء الذي يجري كالنهر، قد يجرفه هو أيضاً، أو لا يعلم أن وابل القذائف المشتعلة قد تصيبه هو وتبيده وتعصف به هو أيضاً.
ألا يعلم سافك الدماء أن النار إن لم تجد ما تاكله.. أكت نفسها، فلو قضيت على البشر، ماذا سيبقى لك؟ لا شيء، وعندئذ ستأكل نفسك.
فهل للأرض الفارغة غير المسكونة جمال؟ أم أنها غابة جرداء تسكنها الغوغاء؟
إن لم تسقِ الرياض بالماء العذب، هل ستتمتع بجمال الزهور؟ هل ستتنسم رائحة العطور الطبيعية؟
بالتأكيد لا، فلماذا إذاً تحاول أن تحول الأخضر إلى يابس وتجرّد التربة الخصبة، وتحول المطر إلى نار.
صدقني لن تجني إلا الجراح والأسى والظلم والقهر.
سمعت مثلاُ عربياً منذ سنوات خلت «جنة بلا ناس، لا تُداس» فصدقني يا صاحب، أن جنتك ليست في الاستحواذ والاستيلاء، ونارك لن تُطفأ إن أشعلت ناراً في بيت قريبك. وقلبك لن يرتاح عندما ترمل نساءً وتشرّد أطفالاً وتقتل رجالاً وتثكل أمهات.
وخزائنك لن تشبع مهما ملأتها من مال غيرك فالبحر لن يشبع مهما سكبت عليه.
اتعظ وتعلم أن لك نهاية، فإن أتتك تلك النهاية يوماً ما وبدون إنذار فستندم ولن ينفع الندم بعد العدم.
فارجع عن شرورك وتُب وعُد إلى أدراجك واسلك طريق النور واترك الظلام الدامس.
عمّر بدلاً من الخراب والدمار، اغرس بدلاً من أن تقلع وتحرق، ازع الخير لتجده عن قريب.
ولا تنسى يا صديقي مبدأ الزرع والحصاد.
وإن كنت حكيماً فأنت حكيم لنفسك، وإن استهزأت فأنت وحدك تتحمل…