• الأربعاء. نوفمبر 8th, 2023

لا إكراه في الدين.. فكيف تكرهون الأطفال؟!

مارس 30, 2023

المهندس مجدي ميخائيل

إن حقّ الإنسان ثابت ومشروع، وحريته مكفولة له منذ بدء الخليقة، فالله لم يكره الإنسان على أي شيء، بل خلقه مخيراً وليس مسيّراً، وترك له حرية الاختيار حتى في عبادته أو عصيانه.
ويذكر لنا الدين الإسلامي أنه «لا إكراه في الدين».. فكيف يُجبر الأطفال علي اعتناق الدين، حتى من أُخذوا عنوة ومن أهلهم غير المسلمين، يكرهونهم على الدين الإسلامي، وفي النهاية تبقى الآية كما هي «لا إكراه في الدين».
ولكي لا أطيل الحديث، فأنا أتكلم عن قضية الطفل المصري «سنودة» الذي أُخذ بالإكراه من والديه اللذين ربياه وعاش معهما على أنه ابنهما، وقد وجداه في الكنيسة أي ان أمه التي تخلت عنه كانت مسيحية.
وفي الحقيقة أن هذا الطفل لا بدّ أن يكون مسيحياً، لأنه لو كانت أمه التي تخلت عنه مسيحياً فهو بالتالي مسيحي بالميلاد وليس من حق أحد أن يأخذه من الأبوين اللذين وجدانه.
وإن افترضنا جدلاً أن أمه التي تخلت عنه كانت مسلمة، ودخلت الكنيسة خلسة وألقت به في حمام الجنيسة، فهذا يعني أنها تعلم علم اليقين أن الأبوين اللذين سيلقانه سوف يربيانه تربية مسيحية جيدة.
وإن كانت أمه التي تخلت عنه مسلمة وألقت به في الكنيسة، إذاً الأبوان اللذان أخذاه وربياه هما أحق به من أي شخص.
فإلى متى سنتصرف بغير عقلانية، وإي دين يجبر طفل يبلغ الأربع سنوات من العمر على صيام شهر رمضان عنوة، حتى يثبتون لأنفسهم أنه صار مسلماً.
أليس ذلك ضد حقوق الطفل، أن يسلبان طفلاً من أحضان أبويه ويجبرانه على الإسلام ويكرهانه على الصيام والصلاة وهو في سن لا يعلم فيه ما الذي يجري حوله، أليس هذا قهراً يا أولي الألباب المفكرين العاقلين.
سبق وأرسلت برقية للرئيس المبجل عبد الفتاح السيسي وإلى السيد النائب العام، وإلى السادة المسؤولين، ولكن دون جدوى.
والآن، وبكل جرأة أناشد المنزمات العالمية، ومنظمة اليونيسيف وحقوق الإنسان، لكي يتخذوا الإجراءات العاجلة لإرجاع الطفل إلى والديه اللذين يملأ الحزن والأسى قلبيهما.
إنني بحتُ كثيراً قبل أن أكتب هذه السطور، وناشدتُ صحف وقنوات إعلامية واتفقت معهم على النشر، والتف حولي وأيدني كثير من أقباط المهجر في مختلف البلديان والولايات.
فإن ما ورد في اتفاقية حقوق الطفل الصادرة عن الأمم المتحدة، يقول أن جميع الأطفال لهم حقوق، بصرف النظر عمن هم أو أين يعيشون أو أي لغة يتكلمون أو ما هو دينهم أو أفكارهم، وبصرف النظر عمن يكون آبائهم أو أسرهم وافكارهم ومعتقداتهم أو ماذا يعملون. ولا يجوز معاملة أي طفل معاملة غير عادلة لأي سبب من الأسباب.
وهذا بالضبط عكس ما حدث مع الطفل شنودة، فلم يتركونه في أحضان والديه بل أخذوه بالإكراه، وأكرهوه على الدين الإسلامي، وأكرهوه على الصوم في شهر رمضان وهو لم يفهم شيئاً عن هذا الدينن وما هي إلا «بارانويا» سياسية.
فعندما يتخذ البالغون قرارات معينة، عليهم أن يفكروا كيف ستؤثر هذه القرارات على الأطفال، فهل فكرت الداخلية المصرية أو النيابة العامة في التأثير السلبي الذي قد يقع على الطفل شنودة نتيجة إكراهه على الدين وحرمانه من ابويه؟
بالتأكيد لم يتم التفكير إلا في محاولة إثبات صحة الدين الإسلامي والكسب العدد لعدد المسليمن عن طريق أسلمة هذا الطفل بالإكراه.
كان حريٌ بالحكومة المصرية أن تتأكد أن الطفل شنودة يحصل على الحماية والرعاية من والديه، وليس أن يخطفونه من أحضانهما لأسلمته بالإ‘كراه، دون الاعتماد على أي مادة قانونية تنص على هذا الإكراه القهري.
فهل من الرعاية والحماية، إكراهه على الصلاة وصوم رمضان؟ إن هذه لم تكن حماية له بل حماية لهم.
على الحكومات أن تفعل كل شيء ممكن للتأكد من أن الطفل شنودة في بلده يتمتع بكل حقوقه الواردة في هذه الاتفاقية.
كما ان هناك مادة في اتفاقية حقوق الطفل العالمية تنص على أنه يجب تسجيل الأطفال عند ولادتهم، أو تبنيهم وأن يكون لهم اسماً وجنسية (أن ينتموا إلى بلد)، وإن يكون لهم الحق في أن يعرفوا والديهم وأن يحصلوا على العناية منهم.
وهذا ما حدث مع الطفل المخطوف من الحكومة المصرية شنودة.
فلماذا تقلبون الموازين وتغيرون هويته من مسيحي إلى مسلم من أجل إشباع العقول المظلمة بتفاهات، فتحرمونه من العيش السليم والرعاية الحقة لتجعلونه طفلاُ يتيماً خرّيج ملاجئ، وغير سوي.
وانا أعلم علم اليقين أنه لو نجح هؤلاء في أخذ الطفل شنودة وبعد أن تهدأ العاصفة، سوف يلقيان به في أي ملجأ ولن يهتم به احد، وسيتدمر الطفل نفسياً ولن يكون سوياً لأنه كان ضحية أفكار مظلمة تافهة.
وأخيراً أقول أنه من ضمن نصوص حقوق الطفل عالمياًُ أنه لا يجوز لأي أحد أن يحرم الأطفال من هويتهم، وإذا حُرموا منها يجب على الحكومات مساعدتهم كي يستعيدوها بسرعة.
وبالطبع لن يكون هذا مع المغرضين، ضيقي الأفق.
كما أنه منصوص في المادة التاسعة من حقوق الطفل العالمية أنه لا يحق لأي إنسان أو قانون فصل الأطفال عن والديهم إلا أذا كانوا لا يحصلون على رعاية مناسبة وكافية منهم؛
وأنا على يقين أن الطفل شنودة كان يحصل على الرعاية الكاملة من الأبوين المسيحيين، والدليل هي الحالة التي هما عليها الآن.
وفي ختام كلامي أوجه مناشدات لمنظمة رعاية الطفل ومنظمة حقوق الإنسان بعودة الطفل شنودة إلى أبويه، لتعود الابتسامة له ولهما ولنعرف أن في مصر عدالة وضمير يقظ.