• الأربعاء. نوفمبر 8th, 2023

دعوة للهروب الي الله

مارس 13, 2023

د. جرجس عوض

يتساءل الكثير من الناس أين الله من الزلازل والبراكين والتسونامى والعواصف الثلجية والأعاصير المدمرة والاحتباس الحرارى الذى سبب خللا فى الكرة الأرضية وأين الله من الكوارث والمصائب والأمراض والأوبئة التى أودت بحياة الملايين من البشر؟ اين الله من المجاعات والجفاف والحرائق والفيضانات والانزلاقات الأرضية التى قتلت الملايين؟ كل هذه الأسئلة وغيرها تدور فى أذهان البعض ولاسيما حينما حدث زلزال تركيا وسوريا وما خلفه من خسائر تقدر بمليارات الدولارات وخسائر فى الأرواح اكثر من45 ألف شخص بينهم أطفال أبرياء ولكى نجيب عن هذه الأسئلة علينا ان نرجع إلى الوراء بمعتقداتنا.
الله حينما خلق الأرض والسماوات خلقهن فى أحسن صورة وأجمل منظر أرض تفيض لبنا وعسلا بمراعيها ومواشيها بل أيضا الجبال والأودية تنطق بالبهجة والسرور بل اكتست المروج من الأغنام والأنعام وكل الحيوانات. وكم فاضت الأودية من خيراتها التى لاتعد بسبب نقاء المياه والهواء فلا وجود للأمراض أو الأوبئة.
كان يعيش الانسان وكأنه فى كون معقم، فما أجمل الأجواء المحيطة بهذا الكون الشاسع فلا وجود لتلوث الهواء أو المياه أو المفاعلات النووية أو المتفجرات أو الأوبئة أو الأمراض أو الكيماويات لقد خلق الله كل شىء صالحا وكامل الجمال ولكن بمرور الزمن وتطور الانسان أصبح كل شىء رديئا. لقد تعدى الإنسان على كل الخليقة مما جعل الخليقة تثور عليه، لتطبق قانون لكل فعل رد فعل. فكل الكوارث التى نحن بصددها الآن انما هى أنين واضطراب وخلل ومرض الطبيعة بسبب تعديات الإنسان وبحسب تقارير العلماء أرضنا ارتفعت درجة حرارتها فوق المعتاد الى درجة ونصف درجة، هذا يعنى ان الأرض فى خطر، أرضنا تحتضر، فما هو الحل والحقيقة أن الذى يملك الحل هو الانسان لكونه هو المشكلة وهو أيضا الحل. فى أيامنا هذه نرى أن هذا الشر قد انتشر فى العالم، إذ كيف ننجو نحن من الكارثة التى سوف تأتى على سكان الأرض إذا استمروا فى التعدى على الخالق والخليقة وعلى أنفسهم، والإجابة عن هذا السؤال تأتى من خلال السؤال القادم وهو، أين الإنسان من الله؟ نحن نحتاج إلى وقفة مع النفس لمواجهة الخطر القادم ليس فقط على المستوى الفردى أو الجماعى بل على المستوى الدولى، نحتاج الى مؤتمرات مثل مؤتمر المناخ، نحن نحتاج أن نطهر أنفسنا برجوعنا الى الله قبل ان تنقلب كوارثنا على أنفسنا ومن هنا كتبت عنوان مقالى دعوة للهروب إلى الله، خاصة وقد تفاقمت اخطاؤنا وعلت فوق رءوسنا, فنحن من تسببنا فى بلاء انفسنا ولكن ما المخرج؟، وفى قصتى اجابتى.
لقد حدثت هذه القصة فى أثناء حكم الامبراطور إسكندر الأكبر فقد نام أحد جنود الإسكندر فى أثناء نوبة حراسته، ولا سيما كان احد أفراد الحرس الخاص وقد كانت عقوبة النوم هى الإعدام، ومن ثم حكم عليه الإسكندر بالإعدام، وقد سمعت أم ذلك الجندى وقد كان الخبر كالصاعقة عليها، فقررت الذهاب الى الإمبراطور وبعد معاناة تقابلت مع الإمبراطور الاسكندر الأكبر، وصاحت: انا والدة هذا الجندى الذى حكمت عليه بالإعدام، فقال لها وماذا تريدين قالت أستأنف الحكم، فغضب الإسكندر وقال: ألا تعرفين أن الاستئناف يكون دائما إلى قاض أعلى من القاضى الذى أصدر الحكم؟ فمن هو أعلى منى؟ أجابت: نعم أعلم بأنه لايوجد أعظم من الإمبراطور ولكنى سوف استأنف الحكم، وكان الإمبراطور يسمع متعجبا، واسترسلت حديثها قائلة سوف أستأنف الحكم من عدالة إسكندر الأكبر الى رحمة إسكندر الأكبر فانا أرملة وابنى هو وحيدى فى هذه الحياة، لقد كنت مريضة، وسهر ابنى إلى جوارى أياماً متوالية لرعايتى، لذلك غلب عليه النوم فى أثناء حراسته، ومع ذلك أنا لا أبرئ خطأه، فقد ارتكب ذنباً عظيما، لكنى استأنف الحكم من قاضى العدل إلى قاضى الرحمة! ان ينظر الى أم لا تملك فى الحياة سوى وحيدها، فقال إسكندر الأكبر لقد قبل الاستئناف يا امرأة، وصدر أمر العفو عن الجندى المذنب وان كان الامبراطور الأرضى قبل الاستئناف صاحب الرحمة المحدودة، فكم وكم صاحب الرحمة غير المحدودة لقد أذنبنا فى حق انفسنا وفى حق الطبيعة وفى حق الله وعلينا ان نصلح ما نستطيع إصلاحه وما نعجز عن إصلاحه فعلينا ان نستعين بمن هو أعظم وأقوى وأقدر وأرحم الراحمين اذن فلنهرب من عدالة الله الى رحمة الله.