• الأربعاء. نوفمبر 8th, 2023

ظمأ النجاح

فبراير 13, 2023

من وقت لآخر نقع فريسة لشعور فيه من نسمات الحزن أمراً يسيراً وهو شعور أطلقت عليه مصطلح (ظمأ النجاح) قاصداً به هذه الأوقات التى نحزن فيها لأننا لم ننجح منذ زمن طويل في شيئ ما أو نحقق هدفاً ما في أي شيئ لمدة طويلة نسبياً نحن نحتاج للشعور بالقيمة كما نحتاج لأي مشاعر أخرى أنه شعور له لذة مثل الشعور بالحب وأكثر ومثل الشعور بالأمان والشعور بالإنتماء والشعور بالشبع أو الاكتفاء في رأيي الشخصي هو شعور نحتاجه جداً من أجل تكوين شخصيات سوية نفسياً لأن الشعور بالفشل أو الشعور باللا قيمة هو نقيد الشعور بالنجاح مثله مثل الشعور بالرفض بدلا من الشعور بالحب ومثل الشعور بالوحدة بدلاً من الشعور بالإنتماء أو شعور الاحتياج بدل الإكتفاء نحن نحتاج لشعورنا بالنجاح أو أننا ذو رسالة أو قيمة أو أن لحياتنا معنى وهذا ما يفسر لي من وجهة نظري الشخصية لماذا يصبح المتقاعدون على المعاش أو كبار السن بعد فترة معينة تتفاوت من شخص لآخر يصبحون غريبوا الأطوار نوعاً ما أو يختلف سلوكهم بشكل غريب بحيث لا يصبحون بنفس إتزانهم النفسي السابق إلى حد قد يتعب من حولهم في كثير من الأحيان لأنهم يصبحون أكثر حساسية لفكرة أن لم يعد أحد يحتاج لهم أو يسأل عنهم مثلاً وفئات أخرى تريد أن تجعل لحياتها قيمة ولو جبراً فتراه يسلك سلوكيات معقدة التفسير إنه الشعور القاتل باللا قيمة أو الفراغ ويلاحظ أيضاً أنه إذا إنشغل المتقاعدون بأعمال أخرى أو أهداف أخرى جديدة ويستغلون فيها وقت فراغهم أو يجددون فيها إثبات ذاتهم فهذا يجنبهم تماما الوقوع فى هذا الفخ أو هذا الشعور ونجد هذه الفئة تظل على اتزانها غالباً مما يؤكد هذا التفسير وإني أجد هذا منطقياً لأني أعتقد أن الجميع يمتعه شعور النجاح أو أنه ذو رسالة أو قيمة أو هدف وأجد شعور النجاح مبهج أكثر حتى من شعور الحب لأن النجاح دائماً ذكرى سعيدة أما الحب فأحياناً وغالباً يشوبه الألم أو الفراق في كثير من الأحيان وقد تكون ذكريات الحب مؤلمة حين يحدث فراق أما ذكريات النجاح دائماً مفرحة حتي في لحظات الفشل بل ويمكن أن تنقذ وتعطي حماساً في الإنتكاسات ولحظات الفشل وأيضاً أعتقد أن الإنسان بطبيعته يسعي إلي النجاح وأري أن النجاح يتداخل مع معاني كثيرة ويشمل جوانب كثيرة في الحياه فالنجاح يتداخل مع الحب فيمكن أن تنجح في الحب أو تفشل وفي كثير من الأحيان نحزن لأننا فشلنا في تكوين العلاقة نفسها أكثر من كوننا فقدنا شخصاً أحببناه فنحن يؤرقنا عدم النجاح ويمكن أن يحزن شخصاً ما عندما يتم طرده مثلاً من عمله لأنه فشل في مهامه أو أرتكب أخطاء فيشعر بالفشل ويحزنه ذلك أكثر من كونه خسر راتباً أو عملاً رفيعاً بل إننا في أحيان كثيرة نخاف أن نتقدم لوظيفة جديدة لأننا نخاف أن لا ننجح فالأخفاقات بقدر ما لها مميزات لها أضرار أيضاً فهي تفقدنا أحيانا ثقتنا بأنفسنا وتشعرنا بالعجز وقلة الحيلة في بعض الحالات نحن نريد أن نكون ناجحون بشكل عام وفي كل شيئ كتكوين علاقات ناجحة والقيام بأعمال ناجحة ومؤثرة والنجاح في الدراسة والعمل و الزواج و تربية الأولاد وفي مواهبنا وأعمالنا الفنية و…..و…..و….. ولكن نادرون من نجحوا في كل شيئ لأن الكمال ليس من الصفات التي يمكن أن يصل لها الجنس البشري بسهولة أبداً
فالغالب هو أن ننجح في بعض الأمور ونخفق في الباقي فينقذنا النجاح في بعض هذه الأمور عن الغرق في شعور الأحباط من إخفاقاتنا في باقي الأمور الأخرى والكثير انتحروا لأنهم لم يتحملوا فكرة أن يتصفون بالفشل مثل البعض من طلاب الثانوية العامة مثلاً الذين سمعنا عنهم كثيراً وهناك أسباب كثيرة للإنتحار ولكن يكفي أن يكون عدم النجاح واحداً من ضمنهم مما يلفت النظر كم ان هذا الشعور عميق وهام ومؤثر فيمكنه أن يملأ قلوبنا بالفرح والحماس ويمكنه أن يملأها أيضاً بخيبة الأمل والإكتئاب والإحباط حتي الموت إن النجاح من ضمن العوامل التي تدخل في تكوين شخصيات سوية نفسياً وناضجة بما يكفي ولكني أجد للنجاح عوائق أريد أن أتكلم عنها حتى لا يصاب الجميع بخيبة الأمل عن ذواتهم فالنجاح له درجات وأنواع كثيرة فهناك نجاح علي المستوى الدراسي أو العلمي ونجاح علي مستوى العمل ونجاح علي مستوى العلاقات والروابط ونجاح علي المستوي الفني والإبداعي ونجاح علي المستوي الديني ونجاح علي مستوي المبادئ والفلسفة في الحياه والقدوة ونجاح علي المستوي العاطفي ونجاح علي المستوي المادي ولا أعتقد أن أحداً نجح في جميهم سوياً في نفس الوقت ولا أعتقد أيضاً أن أحداً سيفشل في جميعهم بلا استثناء لأن لكل جانب من هذه الجوانب له عوامل لكي ينجح أو يفشل ولم تكن هذه العوامل في متناولنا أحياناً فلسنا جميعاً ننشأ في نفس البيئة التي تجعلنا جميعاً مثقفون مثلاً أو لم نولد في مستوي معيشي بنفس المستوي الذي يجعلنا ننال أعلي الشهادات التعليمية التي تحتاج للآلاف والآلاف من المال الذي لم يكن حينها متوفراً هناك أشياء ليس من العدل أن نلوم نفسنا عليها أو يلومنا عليها الآخرين لأننا لم ننجح فيها ولكن جميع هذه الجوانب نحن ننجح فيها بنسب مختلفة وأنا أشبهها بالمواد الدراسية كمثال فيمكن لطالب أن ينجح في التقدير العام مع إن نسب نجاحه في كل مادة مختلفة فيمكن أن يكون في بعض المواد بالكاد نجح وفي مواد أخري تفوق ولكن يبقي في الإنطباع العام أن فلان ناجح مع أنه لم يتفوق في كل المواد وأنا أيضاً لا أظن أن الحياه تطالبنا بالتفوق في كل شيئ والكثير من الناس عاشوا وماتوا ولم يصلوا إلي هذا الكيان بعد ولكن الإنسان يحب كل ما هو مؤثر وبراقً والإنسان الناجح في الغالب يوجد حوله فريقين الفريق الأول هو الحاسدون و الحاقدون والفريق الثاني هم المحبون والمفتخرون والذين يأخذونه قدوة ويتأثرون به ويؤثر فيهم والنسبة بين الفريقين تحكمها البيئة المحيطة والفكر الإيجابي أو السلبي لهذه البيئة فمن يؤمنون بفكرة أن النجاح حظ فقط في الغالب هم من صفوف الحاقدين ولكن إذا كانوا من الذين يأخذون الناجح كقدوة فهم من صفوف المفتخرين ولكن في الغالبية العظمى للأسف الحاقدون عددهم أكثر والحالات الأخري فهي قليلة الحدوث ولكن لا يهم إذا كان هناك شخص واحد حتى يفتخر بك كشخص ناجح فهذا يكفي
وأنا أتمني لك عزيزي قارئ هذا المقال ألا يؤرقك أبداً ظمأ النجاح هذا الذي ذكرته في أول كلمات مقالتي وإنما تحيا كل أيام حياتك في نشوة ولذة النجاح وترى بعينيك دائما نظرة الفخر في أعين محبيك.