• الأربعاء. نوفمبر 8th, 2023

الوحدانية والأحدية والتوحيد

أكتوبر 27, 2022

المستشار أحمد عبده ماهر
محام بالنقض ومحكم دولي وباحث إسلامي

يخلطون كثيرا، فيظنون أن سورة الإخلاص حين تبدأ بقوله تعالى:- قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌالإخلاص1؛ فيظنون أنها تعني أن الله واحد، أو أنها تعني ما يسمونه علم التوحيد، وهو من أمور الارتجالية وعدم الاهتمام بالدين في أهم خصائصه وهو العقيدة، ولقد كان من الواجب على المسلم التفرقة بين الوحدانية والأحدية.
فالوحدانية تعني أن الله واحد في ذاته، وهو ما ورد في قوله تعالى:-
فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ محمد19.
أما الأحدية فتعني تفرُّد الله في الصفات التي لا شبيه لها ولا مكافئ ولا ند، بما يعني أن قوله تعالى:- قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ الإخلاص1؛ يكون مقصده (قل إن الله لا مثيل له ولا شبيه ولا ند ولا مكافئ)، وهو ما عناه الله بقوله:-
…….. لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ الشورى11.
فعلى ذلك فإن سورة الإخلاص تعني كمال الله في صفاته وتفرُّده، فلا يُقارن الله بأحد، ولا بشيء، ولا بالآلهة المصطنعة، لأنه لا ند ولا شبيه له.
أما الوحدانية فتعني ذاته وأنه لا شريك له في مُلكه، فهو صاحب الألوهية، وهو الخالق الواحد الأوحد، وهو المالك الواحد الأوحد بلا منازع، وهو الحاكم الذي لا يُشرك في حُكمه أحدًا، حيث يقول تعالى:- اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ النمل26؛
ويقول تعالى:- إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً طه98.
فالوحدانية تعني الذات والأحدية تعني الصفات.
أما ما يطلق عليه اسم علم التوحيد، فهو برأيي من المقولات غير المنضبطة التي ابتلينا بها على يد من بلانا، لأن التوحيد يعني توحيد الأجزاء أو الأفرع، وهو يناسب ما تقول به النصارى (باسم الآب والابن والروح القُدُس إله واحد آمين)، فهو عندهم إله واحد ولكن في أقانيم ثلاثة، بذلك فهم يقومون بتوحيد الأجزاء، فهل نعيش بأفكارهم ونقول (علم التوحيد) ولا ننتبه؟؟؛
أرى أن نقول علم الوحدانية، أو الأحدية، لكن لا يجب أبدا أن نقول علم التوحيد، لكن مع قناعة كل من يقرأ هذا فإن علمي سيندثر، وسيبقى القديم رغم أنف كل المصلحين والمجددين، وما ذلك إلا لدين الآبائية الذي نمارسه.
وقد دوَّن ابن منظور في كتابه لسان العرب بالجزء السادس ص4782 ما يلي:[أما قول الناس: توحد الله بالأمر وتفرد، فإنه ـ وإن كان صحيحا فإني لا أحب أن أتلفظ به في صفة الله تعالى في المعنى إلا بما وصف به نفسه في التنزيل أو في السُنَّة…..وفي الحديث (إن الله لم يرض بالوحدانية لأحد غيره…)]،
لذلك أرى تغيير اسم علم التوحيد، ليكون علم الوحدانية أو الأحدية.
أما ما جاء بكتاب البخاري تحت عنوان كتاب التوحيد، فالبخاري ـ رحمه الله ـ لم يكن عربيا، فلم يتمكن أن يُفرّق بن الوحدانية والتوحيد، لذلك يجب علينا ألاّ ننجرف خلف كل قديم….وما يسمونه [علم التوحيد] فهو خطأ بحت توارثه الفقهاء وأورثونا إياه لأننا أمة قامت بتأجير عقولها للبخاري يرحمه الله.