• الأربعاء. نوفمبر 8th, 2023

في مجتمع التعددية الثقافية الأسترالي: لا يزال … كل من أيده إله!

مارس 30, 2023

بقلم : أ.د / عماد شبلاق
رئيس الجمعية الأمريكية لمهندسي القيمية بأستراليا ونيوزيلند

تذهب إلى منطقه بيرود أو تشاس ود أو حتى إيست (وربما كان الود مشتركاً بينهم) وجميعهم في مدينه سيدني الكبرى عاصمة ولاية نيو ساوث ويلز، لوجدت التكتل (الصيني – الأسترالي) موجوداً وبأغلبية واضحة.
أما أذا ذهبت غرباً الى بانكستاون (تنسب للسيد بانكس) و غرين أيكر لوجدت التكتل (العربي اللبناني – الأسترالي) متركزاً هناك، وإذا ذهبت إلى (لاكمبا) فقد تشتم رائحة الكاري والبرياني من على مدخل – هاليدين ستريت – وعندها تدرك بأنك دخلت الحدود البنغالية الهنديه حيث التكتل (الاسيوي – الأسترالي) أما غرباً فهناك التكتل (العربي العراقي – الأسترالي) في منطقه فيرفيلد وهناك التكتل (الفيتنامي – الأسترالي) في كابراماتا، وهناك وهناك حتى آخر القائمة للتعددية الثقافية والحضارية والاجتماعية في المجتمع الأسترالي الحديث.
ما قادني اليوم لهذه المقدمة ما تذكرت قراءته في السابق وأكرره اليوم وهو ما نشر في صحيفة التلغراف العربية (الصفحة 4 من عدد الأربعاء 23 أذار 2022) وتحت عنوان «خطه لجعل سيدني مدينه عالميه قوية!» وجاء في الخبر أن وزير التعددية الحضارية (مارك كوري) حث الاستراليين على تعلم لغة ثانيه حتى تصبح استراليا مدينه عالميه قوية.
إذ فشلت نيو ساوث ويلز (والكلام له) الاستفادة من التعددية الحضارية من سكانها ويجب تعلم اللغة الثانية كأولوية من خلال تعلم لغة ثانية.
وطلب الوزير من وزيرة التعليم ساره ميتشن وضع قضية تعليم اللغة الثانية في المناهج التعليمية.. وإلى آخر الخبر.
و حقيقة الأمر أن موضوع التعددية الحضارية أو الثقافية هذا، ما هو إلا وهم أو خيال أو حتى خداع قام السياسيون ومن جميع الأحزاب باستخدامه لدغدغة مشاعر المهاجرين من آسيويين وعرب وأفارقه لتخفيف شدة الخلافات العرقية والعنصرية بين الجنس الأوروبي وما عداهم من عرقيات أخرى قطنت القاره الاسترالية وفي (17 أذار 2023 وعلى صحيفه الأنوار والتابعة لنفس المؤسسة الإعلامية أعلاه) طرح الموضوع نفسه وعلى الصفحة الأولى وبعنوان “حكومة نيو ساوث ويلز تشجع على تعلم اللغات من أجل مستقبل أفضل” وكأن لسان الحال هو تذكير لأجندة السياسيين السنوية وقد تكون أحلام انتخابية أو لمآرب أخرى لا نعلمها.
ما نعلمه تماماً ونشاهده يومياً في استراليا هو التكتلات العرقية المتعصبة والوساطات بين الأصدقاء والمعارف وكلٌ منحاز إلى عرقيته ولغته ودينه، فالهندي يميل لمساعدة أبناء جنسه، والصيني لا يوظف في بنكه أو متجره إلا من يتقن لغة الماندرين أو الكانتونيز ونفس الشيء بالنسبة للإيراني واليوناني والصربي والأفغاني، ولم تُعدّ اللغة الثانية ولا حتى الثالثة تجدي، فلا تعرف أين تسكن وما هي التكتلات الموجودة هناك.. وقد أحس المسؤولين ومتخذي القرار بفشل مشروع التوظيف الواسع نتيجة تعلم اللغات فقد اتضح أن هناك أكثر من 150 لغة حية يتم تداولها في استراليا وما نشاهده اليوم في بعض أقسام القطاع العام من توظيف لطيف أو شريحة معينة من مختلف ألوان المهاجرين ما هو إلا لعبة محكمة لإيهام الناس بعدالة الاختيار والشعارات البراقة للنزاهة والشفافية والمساواة بالإضافة للدعاية الإعلامية وربما الانتخابية!
والله المستعان.