• الجمعة. نوفمبر 10th, 2023

المستشار في الكونغرس الآميركي للشؤون اللبنانية انطوان بريدي: نريدُ وطناً لا تدخلات فيه من الخارج

مايو 15, 2016

IMG_2104

يغادرون لبنان في زهرةِ شبابِهم بحثاً عن مستقبلٍ أفضل، ثم يأتونَ إليه في منتصفِ العمر، ليجدوا أنفسَهم غرباءَ في وطنِهم!

يولدون غرباءِ عن وطنِهم لبنان لأنَّ القدرَ شاء أن يكونوا أولادَ مهاجرين.

نعود إلى لبنان من أطيافِ العالم كله: من أميركا اللاتينية، وأميركا الجنوبية، وأستراليا، وأفريقيا، وأوروبا، فخورين بأننا لبنانيون، ونحرصُ على التشبُّثِ بكلمةٍ واحدة نردِّدُها باللغةِ العربيةِ بعزةِ نفسٍ، ألا وهي أنا لبناني، لبناني I am ، je suis لبناني ، soy لبناني.

إنهم نحن… أنا وأنتم وكثيرون مثلَنا… نحن المغتربون اللبنانيون.

نعودُ إلى هنا بكلِّ الحنينِ الذي حملناهُ لسنواتٍ، اشتياقاً إلى بلدٍ ننتمي إليه. ولكنْ عندما نأتي، نشعرُ بالغربة. فمعظمُ أصدقائنا رحلوا أو هاجروا…

نتجولُ في بلداتِنا كالغرباء، نقفُ على رصيفِ الوطنِ الذي ودّعنا شبابَنا فيهِ قبلَ الرحيل، ليستقبلَنا مجدداً بعدَ حين… علماءَ، أصحابَ مصانع، سياسيين، أطباء ناجحين، فنانين، مفكِّرين، أو أصحاب ثروات. مع الإشارة إلى أن النجاحَ لا يقاس بمقدارِ الثروة التي يجنيها المغترب، بل بنوعيةِ ما يقدمُه للعالم. وإلا، لَكُنا اعتبرنا أن المغتربَ الأشهر جبران خليل جبران لم يكن ناجحاً.

السادة الوزراء والنواب، أيها الحضور الكريم…

نأتي إلى لبنان… فتسقطُ دمعةٌ من أعينِنا آسفينَ على وطنٍ لا يتحملُ أبناءه… ثم نرحلُ مجدداً… لنبقى غرباءَ في وطننِا الأم وغرباءَ في الغربة.

يا وطني الحبيب، يا من أعطيتني عزةَ النفسِ والشهامةِ والرجولة، يا من علّمتني حبَ الوطن والحياة، يا أشرفَ أرضٍ وأجملَ وطنٍ، لبنان.

مرت سنواتٌ طويلةٌ وأنا أنتظرُ العودةَ إليك، وفي كلِّ يوم أتذكرُ في الغربة طفولتي التي تركتُها فيك، فأغمضُ عيني وأرحلُ في حُلُمي إليك… لأقبلَ ترابَك المجبولِ بعرقِ الأجداد ودمِ الشهداء… وبخورِ القداسة!

أسأل نفسي اليوم مع كلِ مَن يتألمُ للحالِ الذي وصل إليه الوطن:

متى يعود الزعماءُ إلى الوحدة من اجل لبنان؟ ومتى يتوحد الشعب بعيدا عن الطائفية والمذهبية؟

كفانا مزايدةً من أجل المصالحِ الشخصية. كفانا تصلباً في المواقفِ الوطنية. كفانا مناكفاتٍ وصراعاتٍ سياسيةٍ وتفكيكاً لصيغةِ العيش المشترك.

قيمةُ الوطنِ في إنسانِه، وقيمةُ الإنسانِ في وطنِه. فالإنسانُ فانٍ، أما الوطنُ فباقٍ!

نأتيكم اليومَ من قاراتٍ بعيدة حاملينَ رسائلَ الحبِ والسلام. فنرجوكم أن تبعِدوا عنكم شبحَ الطائفيةِ والمصالحِ الشخصية. فالمواطنُ له حقٌ على الدولة بتأمينِ الأمنِ والاستقرارِ والوظيفةِ التي تليق بما يَحملُه من شهادات. والوطن له حقٌ علينا كمواطنين، مقيمين أو مغتربين. فقد حانَ الوقتُ للاستفادةِ من تجاربِنا الأليمة لنبنيَ وطناً سيداً حرًا مستقلاً يخطو واثقاً نحو المستقبل، مستفيداً من طاقاتِ أبنائِه بدلاً من أن يستفيدَ منها العالمُ ويُحرَم لبنانُنا منها.

نأتيكم.. لكي نحيّي جيشَنا الباسل الساهر على أمنِ الوطنِ والمواطنين، ونحيّي وزارتَيْ السياحة والمغتربين بوزيرَيْهما الصديقَين جبران باسيل وميشال فرعون ، اللذيْن أكنّ لهما كلَ المحبة والاحترام. وأحييّ بشكل خاص الوزير باسيل الذي يشهدُ الجميع، بمن فيهم خصومِه في السياسة، على الجهودِ البنّاءة التي يقوم بها لجمعِ شملِ كلِ المغتربينَ اللبنانيين في شتى أنحاءِ العالم.

ونأتيكم لكي نتوجَّهَ إلى الحكومةِ والمسؤولين وزعماءِ الأحزاب والقيّمينَ على سلامةِ هذا الوطنِ الحبيب، قائلين:

نريدُ وطناً لا تدخلات فيه من الخارج. نريد رئيساً للجمهورية حالاً وفوراً… رئيساً صُنع في لبنان ويكون ممثِلاً لجميع اللبنانيين.

نريد أن نعزِّزَ صداقاتِ لبنان مع كل الشعوبِ والأوطان. ولا نريدُ أن نُعامَل بالذلّ من أيٍ كان، عدواً أو صديقاً.

فيا أيها السياسيون، عليكم جميعاً التنازلَ عن مصالحِكم الشخصية والكفَّ عن الاستهزاءِ بمصلحةِ المواطن وبناءِ الثروات على حسابِه وحسابِ الوطن.

عليكم العملَ فوراً على بناءِ لبنان جديدٍ، مستقلٍّ، حرٍّ، يطبِّق أسُسَ الديموقراطيةِ وحقوقِ الإنسان.

عليكم تنظيفُ المؤسساتِ الإداريةِ والحكوميةِ وخلقُ نظام مدنيٍّ نتباهى به على مستوى سائرِ الدولِ المتحضرة التي أتيناكم منها.

فالمغتربُ يعلّلُ نفسَه بالاستقرارِ والسلامِ من أجل زيارةِ وطنِه والاستثمارِ فيه.

ونحنُ في الاغتراب نرفعُ صوتَنا قائلين لكم: وفِّروا لنا السلامَ والاستقرارَ لكي نعودَ إلى وطنِ الأرز، وطنِ الأجداد والآباء.

صحيحٌ أننا مغتربون، ولكن كما يقول شعارُ موقعِ «جبلنا ماغازين» الإغترابي: «مش عايشين بلبنان… لبنان عايش فينا»، لذلك فنحنُ سنظلُّ نعملُ مع الجميع، هنا وفي البلدانِ التي أتينا منها، حتى نرى بلدَنا الأم قد بدأ يسيرُ على الطريق الصحيح.

أما ختاماً، فأقولُ لكم: أتينا إلى هنا.. لا لكي نتعارفَ ونتقاربَ ونأكلَ الكبة النية، ثم نرحل إلى بلدانِنا كما جئنا. بل أتينا لنقفَ إلى جانبِ لبنان – شعباً وقادةً – في كل مبادرةٍ خيّرةٍ وفي أيّ مجهودٍ من شأنِه أن يأتيَ بالخلاصِ للبنان. ونحن جاهزون للقيامِ بواجبِنا في دعمِكم.

عشتم وعاش وطنُ الأرز!

«لو لم يكن لبنانُ وطني، لاخترتُ لبنانَ وطناً لي!»

كلمة طوني بريدي في مؤتملر الطاقة الاغترابية