• الأربعاء. نوفمبر 8th, 2023

أخطاء الكبار.. كبار الأخطاء!

يونيو 3, 2018

بقلم / رئيس التحرير

د / سام نان

وردت إلى ذهني آية من الكتاب المقدس تقول «الذكي يبصر الشر فيتوارى أما الحمقى يعبورن فيعثرون.
وسألت نفسي، كم مرة تصرفتُ بهذه الطريقة؟ كم مرة أبصرتُ الشرَّ فتواريتُ عنه ولم أعبر فيه؟ هل أنا أفعل ذلك أم كثيرآ ما أتصرّفُ تصرّف الحمقى واعبر فأعثر؟!
فوجدتُ نفسي -كأي إنسان- كثيرآ ما آرتكب الخطأ، بل الأدهى أنني وجدتُ أنني أحياناً أكرر نفس الخطأ، وأعثر نفس العثرة، فسألتُ نفسي: «هل أخطائي مثل أخطاء غيري؟».. فعلمت أن أخطاء الكبار هي كبار الأخطاء..
فلو كنتُ أرى في نفسي أنني كبير وأخطأت إذاً فخطيئتي هي من كبار الأخطاء، أما إن كنتُ صغيراً في عيني نفسي فلا جناح عليَّ إذا. وعندئذ أحتاج لمن يصوب لي طرقي، وعليَّ أن اترك نفسي لمن يعلمني ويرشدي الطريق المستقيمة.
سؤال بديهي يطرح نفسه: أخطاء مَنْ تقف وراء معاناة البشر؟ هل هي أخطاء الصغار أم أخطاء الكبار؟
فكل كبير في كل مجال… سياسي أو اقتصادي أو علمي أو تربوي أو أدبي أو ديني أو فكري أو دعوي أو غير ذلك تُحسبُ أخطاؤه ككبار الأخطاء.
لا شك أن أخطاء الكبار هي السبب الأساسي والكبير إذ أن المسؤولية والقرار بأيديهم أما الصغار فمسؤوليتهم صغيرة ولا شك، إذ أنهم لا يملكون تأثيرا ولا سلطة.
ويتولد تساؤل آخر، لماذا لا نتحدث عن أخطاء الكبار؟ بل لماذا لا نتحدث عن الأخطاء ككل حتى تتضح الأمور وتوضع النقاط على الحروف؟
والإجابة على هذا التساؤل طويلة ومتشعبة وهي ما تموج مجتمعاتنا وتضطرب من أجل الوصول إلى حقيقته.
فإن أول ما يجب إدراكه أن كثيرا مما نعانيه هو حمل ثقيل انتقل إلينا عبر أجيال وعلى مدى عشرات السنين وهذا الركام الهائل لا يمكن إصلاحه عبر جيل من الزمن فهو كما نشأ عبر أجيال سيعالج عبر أجيال كما أن بامكاننا أن نتركه كما هو أو نزيده سوءا ونورثه لمن بعدنا…
حتى يأذن الله في جيل مصلح يضع اللبنات الأولى للعلاج وتستكمله أجيال صالحة من بعده فتختفي هذه العلل من واقعنا وما نحن بصدد الحديث عنه هو من هذا الإرث السقيم الذي انتقل إلينا عبر عشرات السنين ولا بد لنا من وضع الأسس في الجوانب التي لم يتطرق إليها أحد و استكمال العلاج في الجوانب التي بدأ غيرنا في علاجها.
من هنا أناشد كل مسؤول، احرص على أن لا تُخطيء، فكونك كبير هذا ليس مبرراً لأخطاءك أو يعطيك التصريح بأن ترتكب الأخطاء كما تشاء لأن لا أحد سيحاسبك، فأذا كان رب البيت بالدف ضارباً فشيمة أهل البيت كلهم الرقص.. بل اعلم هذه المقولة وضعها كقلادة في عنقك، أن أخطاء الكبار هي كبار الأخطاء.