• الخميس. نوفمبر 9th, 2023

عباس محمود العقاد

يونيو 3, 2018

عباس محمود العقاد أديب، ومفكر، وصحفي، وشاعر، مصري، وعضو سابق في مجلس النواب المصري، وعضو في مجمع اللغة العربية، لم يتوقف إنتاجه الأدبي بالرغم من الظروف القاسية التي مر بها؛ حيث كان يكتب المقالات ويرسلها إلى مجلة فصول، كما كان يترجم لها بعض الموضوعات، ويعد العقاد أحد أهم كتاب القرن العشرين في مصر، وقد ساهم بشكل كبير في الحياة الأدبية والسياسية، وأضاف للمكتبة العربية أكثر من مائة كتاب في مختلف المجالات.
اشتهر بمعاركهِ الأدبية والفكرية مع الشاعر أحمد شوقي، والدكتور طه حسين، والدكتور زكي مبارك، والأديب مصطفى صادق الرافعي، والدكتور العراقي مصطفى جواد، والدكتورة عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطئ)، كما اختلف مع زميل مدرسته الشعرية الشاعر عبد الرحمن شكري، وأصدر كتابا من تأليفهِ مع المازني بعنوان الديوان هاجم فيهِ أمير الشعراء أحمد شوقي، وأرسى فيه قواعد مدرسته الخاصة بالشعر.

ولد العقاد في أسوان في (29 شوال 1306 هـ – 28 يونيو 1889)، لأم من أصول كردية.
اقتصرت دراسته على المرحلة الابتدائية فقط؛ لعدم توافر المدارس الحديثة في محافظة أسوان، حيث ولد ونشأ هناك، كما أن موارد أسرته المحدودة لم تتمكن من إرساله إلى القاهرة كما يفعل الأعيان.
واعتمد العقاد فقط على ذكائه الحاد وصبره على التعلم والمعرفة حتى أصبح صاحب ثقافة موسوعية لا تضاهى أبدًا، ليس بالعلوم العربية فقط وإنما العلوم الغربية أيضًا؛ حيث أتقن اللغة الإنجليزية من مخالطته للأجانب من السائحين المتوافدين لمحافظتي الأقصر وأسوان، مما مكنه من القراءة والإطلاع على الثقافات البعيدة. وكما كان إصرار العقاد مصدر نبوغه، فإن هذا الإصرار كان سببًا لشقائه أيضًا، فبعدما جاء إلى القاهرة وعمل بالصحافة وتتلمذ على يد المفكر والشاعر الأستاذ الدكتور محمد حسين محمد، خريج كلية أصول الدين من جامعة القاهرة.
أسس بالتعاون مع إبراهيم المازني وعبد الرحمن شكري «مدرسة الديوان»، وكانت هذه المدرسة من أنصار التجديد في الشعر والخروج به عن القالب التقليدي العتيق. وعمل العقاد بمصنع للحرير في مدينة دمياط، وعمل بالسكك الحديدية لأنه لم ينل من التعليم حظاً وافراً حيث حصل على الشهادة الابتدائية فقط، لكنه في الوقت نفسه كان مولعا بالقراءة في مختلف المجالات، وقد أنفق معظم نقوده على شراء الكتب، والتحق بعمل كتابي بمحافظة قنا، ثم نقل إلى محافظة الشرقية.
توفى العقاد في 26 شوال 1383 هـ الموافق 12 مارس 1964 ولم يتزوج أبدا.
اشتغل العقاد بوظائف حكومية كثيرة في المديريات ومصلحة التلغراف ومصلحة السكة الحديد وديوان الأوقاف.
لكنه استقال منها واحدة بعد واحدة. ولما كتب العقاد مقاله الشهير «الاستخدام رق القرن العشرين» سنة 1907، كان على أهبة الاستعفاء من وظائف الحكومة والاشتغال بالصحافة.
بعد أن مل العقاد العمل الروتيني الحكومي. وبعد ان ترك عمله بمصلحة البرق، اتجه إلى العمل بالصحافة مستعينا بثقافته وسعة إطلاعه، فاشترك مع محمد فريد وجدي في إصدار صحيفة الدستور.
وكان إصدار هذه الصحيفة فرصة لكي يتعرف العقاد بسعد زغلول ويؤمن بمبادئه. وتوقفت الصحيفة عن الصدور بعد فترة. وهو ماجعل العقاد يبحث عن عمل يقتات منه.
فاضطر إلى إعطاء بعض الدروس ليحصل قوت يومه.
وهذه مقاطع يحكي فيها العقاد تجاربه مع وظائف الحكومة:
«ومن السوابق التي أغتبط بها أنني كنت فيما أرجح أول موظف مصري استقال من وظيفة حكومية بمحض اختياره، يوم كانت الاستقالة من الوظيفة والانتحار في طبقة واحدة من الغرابة وخطل الرأي عند الأكثرين. وليس في الوظيفة الحكومية لذاتها معابة على أحد، بل هي واجب يؤديه من يستطيع، ولكنها إذا كانت باب المستقبل الوحيد أمام الشاب المتعلم فهذه هي المعابة على المجتمع بأسره.
وتزداد هذه المعابة حين تكون الوظيفة كما كانت يومئذ عملا آليا لا نصيب فيه للموظف الصغير والكبير غير الطاعة وقبول التسخير، وأما المسخر المطاع فهو الحاكم الأجنبي الذي يستولي على أداة الحكم كلها، ولا يدع فيها لأبناء البلاد عملا إلا كعمل المسامير في تلك الأداة ».
« كنا نعمل بقسم التكلفات أي تدوين الملكيات الزراعية أيام فك الزمام، وليس أكثر في هذه الأيام من العقود الواردة من المحاكم ومن الأقاليم فلا طاقة للموظف بإنجاز العمل مرة واحدة فضلا عن إنجازه مرتين.
وكنت أقرر عددا من العقود أنجزه كل يوم ولا أزيد عليه ولو تراكمت الأوراق على المكتب كالتلال، ومن هذه العقود عقد أذكره تماما..
كان لأمين الشمسي باشا والد السيد علي باشا الشمسي الوزير السابق المعروف، مضت عليه أشهر وهو بانتظار التنفيذ في الموعد الذي قررته لنفسي. وجاء الباشا يسأل عنه فرأيته لأول مرة، ورأيته لا يغضب ولا يلوم حين تبينت له الأعذار التي استوجبت ذلك القرار ».
« إن نفوري من الوظيفة الحكومية في مثل ذلك العهد الذي يقدسها كان من السوابق التي أغتبط بها وأحمد الله عليها.. فلا أنسى حتى اليوم أنني تلقيت خبر قبولي في الوظيفة الأولى التي أكرهتني الظروف على طلبها كأنني أتلقى خبر الحكم بالسجن أو الأسر والعبودية.. إذ كنت أؤمن كل الإيمان بأن الموظف رقيق القرن العشرين »
العمل بالسياسة.
بعد ان عمل بالصحافة، صار من كبار المدافعين عن حقوق الوطن في الحرية والاستقلال، فدخل في معارك حامية مع القصر الملكي، مما أدى إلى ذيع صيته واُنْتخب عضوًا بمجلس النواب. العقاد سجُن بعد ذلك لمدة تسعة أشهر عام 1930 بتهمة العيب في الذات الملكية؛ فحينما أراد الملك فؤاد إسقاط عبارتين من الدستور، تنص إحداهما على أن الأمة مصدر السلطات، والأخرى أن الوزارة مسئولة أمام البرلمان، ارتفع صوت العقاد من تحت قبة البرلمان على رؤوس الأشهاد من أعضائه قائلًا: «إن الأمة على استعداد لأن تسحق أكبر رأس في البلاد يخون الدستور ولا يصونه». وفي موقف آخر أشد وطأةً من الأول.
وقف الأديب الكبير موقفًا معاديًا للنازية خلال الحرب العالمية الثانية، حتى إن أبواق الدعاية النازية وضعت اسمه بين المطلوبين للعقاب، وما إن اقترب جنود إرفين روميل من أرض مصر حتى تخوف العقاد من عقاب الزعيم النازيأدولف هتلر، وهرب سريعًا إلى السودان عام 1943 ولم يعد إلا بعد انتهاء الحرب بخسارة دول المحور.
كان العقاد ذا ثقافة واسعة، إذ عرف عنه انه موسوعي المعرفة. فكان يقرأ في التاريخ الإنساني والفلسفة والأدب وعلم النفس وعلم الاجتماع، وقد قرأ وأطلع على الكثير من الكتب، وبدأ حياته الكتابية بالشعر والنقد، ثم زاد على ذلك الفلسفةوالدين. ولقد دافع في كتبه عن الإسلام وعن الإيمان فلسفيا وعلميا ككتاب الله وكتاب حقائق الإسلام وأباطيل خصومه، ودافع عن الحرية ضد الشيوعية والوجودية والفوضوية (مذهب سياسي)، وكتب عن المرأة كتابا عميقا فلسفيا اسماه هذه الشجرة، حيث يعرض فيه المرأة من حيث الغريزة والطبيعة وعرض فيه نظريته في الجمال.
يقول العقاد ان الجمال هو الحرية، فالإنسان عندما ينظر إلى شيء قبيح تنقبض نفسه وينكبح خاطره ولكنه اذا رأى شيئا جميلا تنشرح نفسه ويطرد خاطره، اذن فالجمال هو الحرية، والصوت الجميل هو الذي يخرج بسلاسه من الحنجرة ولا ينحاش فيها، والماء يكون آسنا لكنه اذا جرى وتحرك يصبح صافيا عذبا. والجسم الجميل هو الجسم الذي يتحرك حرا فلا تشعر ان عضوا منه قد نما على الآخر، وكأن أعضاءه قائمة بذاتها في هذا الجسد. وللعقاد إسهامات في اللغة العربيةإذ كان عضوا في مجمع اللغة العربية بالقاهرة واصدر كتبا يدافع فيها عن اللغة العربية ككتابه الفريد من نوعه اللغة الشاعرة.
وفي حياة العقاد معارك أدبية جَعَلتْهُ نهمَ القراءة والكتابة، منها: معاركه مع الرافعي وموضوعها فكرة إعجاز القرآن، واللغة بين الإنسان والحيوان، ومع طه حسين حول فلسفة أبي العلاء المعري ورجعته، ومع الشاعر جميل صدقي الزهاوي في قضية الشاعر بين الملكة الفلسفية العلمية والملكة الشعرية، ومع محمود أمين العالم وعبد العظيم أنيس في قضية وحدة القصيدة العضوية ووحدتها الموضوعية ومعارك أخرى جمعها عامر العقاد في كتابه:
أما أول ديوان فقد حمل عنوان «يقظة الصباح» ونشر سنة 1916 وعمر العقاد حينها 27 سنة. وقد كتب العقاد في حياته عشرة دواوين. وقد ذكر العقاد في مقدمته لكتابه «ديوان من دواوين» أسماء تسعة دواوين له مرتبة وهي : يقظة صباح ، وهج الظهيرة ، أشباح الأصيل ، أشجان الليل ، وحي الأربعين ، هدية الكروان ، عابر سبيل ، أعاصير مغرب ، بعد الأعاصير. ثم كتب آخر دواوينه وهو «ما بعد البعد».
وقد صدر في العام 2014 كتاب بعنوان «المجهول والمنسي من شعر العقاد» من إعداد واحد من تلاميذ العقاد وهو الباحث محمد محمود حمدان. وقد جمع في هذا الكتاب القصائد والأشعار غير المنشورة للعقاد.
في عام 1934 نظم العقاد نشيد العلم. وقد غني نشيده هذا واذيع في الراديو في حينها. وكان قد لحنه الملحن عبدالحميد توفيق زكي.
في ابريل من عام 1934 أقيم حفل تكريم للعقاد في مسرح حديقة الأزبكية حضره العديد من الأدباء ومجموعة من الأعلام والوزراء. وألقى الدكتور طه حسين في هذا الحفل كلمة مدح فيها شعر العقاد فقال: « تسألونني لماذا أومن بالعقاد في الشعر الحديث وأومن به وحده، وجوابي يسير جدا، لأنني أجد عند العقاد مالا أجده عند غيره من الشعراء… لأني حين أسمع شعر العقاد أو حين أخلوا إلى شعر العقاد فإنما أسمع نفسي وأخلو إلى نفسي. وحين اسمع شعر العقاد إنما اسمع الحياة المصرية الحديثة وأتبين المستقبل الرائع للأدب العربي الحديث ».
ثم أشاد طه حسين بقصائد العقاد ولا سيما قصيدة ترجمة شيطان التي يقول إنه لم يقرأ مثلها لشاعر في أوروبا القديمة وأوروبا الحديثة ثم قال طه حسين في نهاية خطابه: « ضعوا لواء الشعر في يد العقاد وقولوا للأدباء والشعراء أسرعوا واستظلوا بهذا اللواء فقد رفعه لكم صاحبه ».
يقول الدكتور جابر عصفور عن شعر العقاد: « فهو لم يكن من شعراء الوجدان الذين يؤمنون بأن الشعر تدفق تلقائي للانفعالات … بل هو واحد من الأدباء الذين يفكرون فيما يكتبون، وقبل أن يكتبوه، ولذلك كانت كتاباته الأدبية «فيض العقول»… وكانت قصائده عملا عقلانيا صارما في بنائها الذي يكبح الوجدان ولا يطلق سراحه ليفيض على اللغة بلا ضابط أو إحكام، وكانت صفة الفيلسوف فيه ممتزجة بصفة الشاعر، فهو مبدع يفكر حين ينفعل، ويجعل انفعاله موضوعا لفكره، وهو يشعر بفكره ويجعل من شعره ميدانا للتأمل والتفكير في الحياة والأحياء ».
ويقول زكي نجيب محمود في وصف شعر العقاد: « إن شعر العقاد هو البصر الموحي إلى البصيرة، والحس المحرك لقوة الخيال، والمحدود الذي ينتهي إلى اللا محدود، هذا هو شعر العقاد وهو الشعر العظيم كائنا من كان كاتبه… من حيث الشكل، شعر العقاد أقرب شيء إلى فن العمارة والنحت، فالقصيدة الكبرى من قصائده أقرب إلى هرم الجيزة أو معبدالكرنك منها إلى الزهرة أو جدول الماء، وتلك صفة الفن المصري الخالدة، فلو عرفت أن مصر قد تميزت في عالم الفن طوال عصور التاريخ بالنحت والعمارة عرفت أن في شعر العقاد الصلب القوي المتين جانبا يتصل اتصالا مباشرا بجذور الفن الأصيل في مصر».
منذ تعطلت جريدة الضياء في عام 1936، وكان العقاد فيها مديرا سياسيا، انصرف جهده الأكبر إلى التأليف والتحرير في المجلات. فكانت أخصب فترة إنتاجا. فقد ألف فيها 75 كتابا من أصل نحو 100 كتاب ونيف ألفها. هذا عدا نحو 15 ألف مقال أو تزيد مما يملأ مئات الكتب الأخرى.
أصدرت دار الهلال للعقاد أول كتبه خلاصة اليومية والشذور (1912)
الإنسان الثاني (1913)، ويناقش في هذا الكتاب المكانة والاحترام الذي أحرزته المرأة في الحضارة الحديثة.
ساعات بين الكتب (1914)، قراءة منوعة لكتب الفلسفة والتراث والشعر.
خرج أول دواوينه يقظة الصباح (1916) وقد احتوى الديوان على قصائد عديدة منها «فينوس على جثة أدونيس» وهي مترجمة عن شكسبير وقصيدة «الشاعر الأعمى» و«العقاب الهرم» و«خمارويه وحارسه» و«رثاء أخ» وترجمة لقصيدة «الوداع» للشاعر الاسكتلندي روبرت برنز.
ديوان وهج الظهيرة (1917)
ديوان أشباح الأصيل (1921)
الديوان في النقد والأدب، بالاشتراك مع إبراهيم عبدالقادر المازني.
وقد خصص لنقد أعلام الجيل الأدبي السابق عليهما مثل أحمد شوقي ولطفي المنفلوطي ومصطفى صادق الرافعي(1921)
الحكم المطلق في القرن العشرين (1928). كانت مصر في ذلك الوقت تحت الاحتلال البريطاني، وكان موسوليني قد ظهر في إيطاليا، فألف كتابه هذا وحمل فيه على الحكم الاستبدادي. يقول الكاتب والناقد رجاء النقاش عن الكتاب: «وهو كتاب صغير مجهول‏، أهداه العقاد إلى مصطفي النحاس باشا. وكان العقاد أيامها منتميا إلي حزب الوفد. وفي هذا الكتاب يدافع العقاد عن الديمقراطية دفاعا قويا ويؤكد أن الديمقراطية هي التي تحمي البلدان والشعوب من الاضطرابات. وأن البلدان الديمقراطية هي التي تنتصر في الحروب‏،‏ بينما تنهزم الدول القائمة علي الديكتاتورية.» ثم أصدر كتابه اليد القوية في مصر (1928). وموضوعه الأحداث السياسية الجارية في مصر وقتها.
ديوان أشجان الليل (1928)
الفصول (1929). وهو مجموعة من المقالات الأدبية والاجتماعية والخواطر، كانت تنشر في صحف ومجلات ما بين عامي 1913 و1922. وكتاب فلسفي هو مجمع الأحياء (1929).
فترة الثلاثينات والأربعينات.
ديوان هدية الكروان (1933)
سعد زغلول، عن حياة السياسي المعروف سعد زغلول وثورة 1919 (1936)
ديوان عابر سبيل. وكتاب نقدي تاريخي بعنوان: شعراء مصر وبيانهم في الجيل الماضي 1355 – 1937، عبارة عن مقالات كل مقال عن شاعر من جيل معين. إضافة على إعادة طبع ساعات بين الكتب. (1937)
بعد خروجه من السجن ببضعة أعوام كتب لمجلة «كل شيء» في موضوع «حياة السجن» عدة مقالات جمعها في كتاب بعنوان: عالم السدود والقيود (1937)
سارة (1938)، سلسلة مقالات بعنوان «مواقف في الحب» كتبها لمجلة الدنيا الصادرة عن دار الهلال، والتي جمعها فيما بعد في هذا الكتاب.
رجعة أبي العلاء (1939)، كتاب يبحث في فكر وفلسفة الشاعر أبو العلاء المعري.
هتلر في الميزان، دراسة في شخصية القائد الألماني أدولف هتلر.