• الأربعاء. نوفمبر 8th, 2023

لماذا لا تتذكر بعض الكلمات رغم أنها «على طرف لسانك»؟

ديسمبر 11, 2020

هل عانيت مرة من محاولة تذكر اسم شخص ما؟ قد تكون قادراً على تخيل وجه الشخص بوضوح في ذهنك، وستتعرف على الاسم فوراً إذا ذكره صديق أمامك. ورغم أن هذا يتكرر عادة مع الأسماء، فالحالة نفسها تنطبق عند نسيان أي كلمة أخرى. وهذا لا يعني أنك لا تستطيع تذكر دلالة الكلمة أو معناها، وإنما فقط لا يمكنك العثور على التسمية اللغوية الخاصة بها.
وتعد مشكلة إيجاد الكلمات جزءاً معهوداً من ضمن مشكلات التحكم المعرفي التي يعاني منها الأشخاص في منتصف العمر وكبار السن.
وتحدث هذه الإخفاقات دون سابق إنذار ومع كلمات وأسماء مألوفة جداً يعرفها الشخص جيداً. وقد وجد باحثون أن أكثر الكلمات التي قد يجد الناس صعوبة في استعادتها هي أسماء العلم وأسماء الأشياء. ويمكن لهذا العجز عن استحضار كلمة من الذاكرة أن يستمر لأي فترة، من جزء من الثانية إلى عدة دقائق أو حتى ساعات، ويمكن أن يكون مثيراً للاستياء حقاً. وفي الواقع، غالباً ما يشير كبار السن إلى معاناتهم من مشكلة عدم إيجاد كلمات يعرفونها عند سؤالهم عن مضايقات الشيخوخة.
في مثل هذه الحالات، يكون الشخص واثقاً من معرفته للكلمة التي يبحث عنها، كأن يكون مصطلح ما موجوداً على طرف لسانه، لكن لسبب ما لا يتمكن من استحضاره وقوله في تلك اللحظة على الأقل. ويطلق علماء النفس على هذه الحالة اسم «حالة على طرف اللسان»، وهنا يكون السؤال: هل هذه الحالة بمثابة إنذار بوجود اضطراب في الذاكرة كما تبدو؟.
تشكل دراسة ظاهرة «على طرف اللسان» تحديات عدة بالنسبة لعلماء النفس الذين يرغبون في فهم سبب وكيفية حدوثها. وحالهم في ذلك مثل حال علماء الفلك الذين يدرسون ظواهر سريعة الزوال مثل الانفجارات النجمية التي تسمى أيضا بظاهرة المستعرّ الأعظم، فالباحثون يعلمون أن ظاهرة فقدان كلمة معروفة ستحدث، لكن لا يمكنهم أن يعرفوا متى بالضبط. وقد أدى عدم اليقين هذا إلى وجود طريقتين مختلفتين بشكل واضح لتحليلها وفهمها: عبر الأساليب الطبيعية، أو عن طريق إحداث حالة إخفاق في إيجاد الكلمات تجريبياً في المختبر.
وحاول الباحثون الذين يدرسون مشكلة البحث عن الكلمات وظاهرة «على طرف اللسان» تحديد نقطتين مهمتين على وجه الخصوص: عدد مرات تكرر هذه الحالات، والطرق المحتملة لحلها، والمقصود هنا تذكر الكلمة المطلوبة تلقائياً من قبل الشخص ومن دون مساعدة خارجية (مثل البحث عن الكلمة في كتاب أو عبر الانترنت أو وجود شخص آخر يقدم الجواب).
وتسمح دراسة البيانات اليومية، التي يدوّن فيها الأشخاص كل مرة يتعرضون فيها لحالة عدم قدرة على استحضار كلمة يعرفونها، للباحثين بتقييم معدل تكرار الحالة إلى جانب معدل حلها. وتشير النتائج إلى أن طلاب الجامعات يتعرضون لحالة «طرف اللسان» مرة أو مرتين في الأسبوع، في حين أن هذا المعدل أعلى قليلاً لدى للأشخاص الذين هم في الستينيات وأوائل السبعينيات من العمر.
أما المشاركون في هذه الدراسة والذين هم في الثمانينيات من العمر فيعانون من هذه الحالة بمعدل ضعف ما يعانيه طلاب الجامعات. كما أظهرت دراسة المذكرات اليومية أنه غالباً ما يتم حل مشكلة عدم إيجاد الكلمة لاحقاً، وبمعدل نجاح يصل إلى أكثر من 90 في المئة.
ومع ذلك، يجب توخي الحذر عند تفسير مثل هذه البيانات اليومية، لأن دقتها قد تتأثر بعدة عوامل، فكبار السن الذين يكونون عادة أكثر قلقاً من هفوات الذاكرة سيكونون أكثر اهتماماً بتسجيل حالات تعذر إيجاد الكلمة، وربما أيضاً لأن حياتهم هادئة وأقل ازدحاماً بالأحداث من المشاركين الأصغر سناً، كما قد يكون المشاركون أكثر ميلاً إلى تسجيل الحالات التي يتمكنون من حلها أو استدراكها أكثر من الحالات التي ظلت من دون حل.
الطريقة البديلة لدراسة الإخفاق في إيجاد كلمة ما، هي بإحداث الحالة تجريبياً. وقد تم تطوير طريقة للقيام بذلك من قبل عالمي النفس روجر براون وديفيد مكنيل عندما كان كلاهما في جامعة هارفارد.