• الجمعة. نوفمبر 10th, 2023

رائد الفضاء الأمريكي الذي يخطط لإقامة دائمة على سطح المريخ

مايو 1, 2016

كان باز ألدرين ثاني إنسان يمشى على سطح القمر، والآن يركز رائد الفضاء الأمريكي التابع لوكالة ناسا أنظاره على مكان آخر في مجموعتنا الشمسية، وهو المريخ. بات شغف ألدرين واضحا للعيان، وخاصة من خلال ما يظهر على قميصه الذي يرتديه، والذي يحمل عبارة «الغاية هي المريخ». وتحت هذه الكلمات على قميصه يوجد قناع زجاجي لرجل فضاء، ويعكس ذلك القناع صورة سطح كوكب المريخ.

ويأمل ألدرين أن تصبح رحلات البشر إلى الكوكب الأحمر حقيقة ذات يوم، وهو ما يعني بالنسبة له إقامة قاعدة بشرية دائمة على سطح المريخ.

ويقول ألدرين: «أول من يذهب إلى المريخ سيكون في مكانة مشرفة، لكننا سنعيده إلى الأرض ثانية. لكن أول إنسان سيقيم هناك بشكل دائم سيخلده التاريخ».

هناك خواتم خمسة تزين أصابع ألدرين، وهي في الوقت نفسه تجسد عناصر أساسية في تاريخ وحياة ذلك الرجل. الخاتمان في يده اليسرى يمثلان حياته قبل أن يصل إلى القمر. ويقول ألدرين مشيراً إلى خاتم ذهبي منهما: «يعود هذا الخاتم لجدي». ثم يقول ألدرين عن الخاتم الثاني: «ذلك هو (شعار) أم آي تي»، مشيراً إلى اسم مجموعة القاعات الدراسية الكبيرة في معهد ماساشوسيتس للتكنولوجيا. وأضاف: «من هذا المكان حصلت على درجة الدكتوراة».

الدكتوراة التي حصل عليها ألدرين في علوم الفضاء كانت عام 1963، وكانت تتناول نظرية «التحام مركبتين فضائيتين مأهولتين في المدار حول الأرض».

واستطاع ألدرين أن يضع هذه النظرية موضع التطبيق العملي بعد ذلك بثلاث سنوات في رحلة «يميني 12» الفضائية. وبين ثلاثة خواتم في يده اليمنى، تتوسط يده قطعة مجوهرات هي الأكثر لفتاً للانتباه، والتي تحتوي على حجر كريم، وتزين الخاتم الذي يشير إلى كيفية تغير حياته من مهندس وأكاديمي إلى رجل فضاء، وأحد المشاهير. ويقول ألدرين: «هذا الخاتم الراقي أهداني إياه محمد علي (بطل الملاكمة العالمي). واسمي منقوش على أحد جانبيه بينما اسمه منقوش على الجانب الآخر». دققت النظر في ذلك الخاتم، وكانت الكلمات المحفورة فيه هي «بطل العالم»، وهي تحيط بالحجر الكريم الذي يعلو اسمي الملاكم ورجل الفضاء. وهذا الخاتم يضعه ألدرين في خنصره، أما الخاتم الآخر الذي يحمل الهلال والنجمة في يده اليمنى، فيبدو متواضع القيمة بشكل إيجابي. «هذا الرمز لا يشير إلى تركيا أو إلى الإسلام، ولكن كوني ذهبت إلى القمر وكتبت رواية عن السفر بين النجوم، بات ملائماً تماماً لأجزاء مختلفة من تاريخي والماضي الشخصي لي. لكن النجمة لم تعد مهمة، لذلك أحتاج إلى أن أحول النجمة إلى دائرة حمراء قاتمة ترمز إلى كوكب المريخ». ويمضي قائلاً وهو يبتسم: «الرمزية أمر مرغوب فيه، والآن أعمل مع (معهد) فلوريدا تيك، ومعهد باز ألدرين الفضائي أملاً في أن يكون لدي دائرتي الشبيهة بفلوريدا تيك».

عطلات في المريخ؟

من الواضح جداً أن ألدرين من محبي الملابس والجواهر. وهو أيضاً يرتدي سترة يزدحم صدرها بالمعادن المتنوعة والأزرار، كما يرتدي أساور من السيراميك والمعادن في كلا ساعديه. وتعلو سترته مكعبات بيضاء. أربعة من هذه المكعبات تحمل حروف B-U-Z-Z (اسمه الأول) منقوشة باللون الأسود.

وفي الصيف سيكون ألدرين مرشداً لمعرض المريخ الذي يفتتح في مركز كينيدي للفضاء في ولاية فلوريدا. لكن بعيداً عن هذه الشهرة المرتبطة بتاريخه كرائد فضاء، هو جاد فيما يتعلق بالمركبات المدارية التي يعمل على ابتكارها، والتي ستأخذ الناس إلى المريخ وتعيدهم ثانية. وتتضمن خطة ألدرين استعمال مركبات الفضاء كحافلات للنقل في مدارات سريعة جيئة وذهاباً بين قمر الأرض وقمر فوبوس، أكبر قمر تابع للمريخ، والرسو بمركبات فضائية أصغر حجما حينما يصلون إلى ذلك المدار. كانت فكرته الأصلية هي الذهاب والإياب في رحلات إلى القمر، بهدف السياحة الفضائية. حيث بإمكان المسافرين الاستمتاع بالمنظر من مركبة فضاء بدلاً من الهبوط على سطح القمر. ويقول: «لم تكن (وكالة) ناسا مهتمة كثيراً بهذه الفكرة. لقد أجرى الروس تجارب في هذا الاتجاه لكن لم تكن المركبات الفضائية مأهولة. وبدا واضحاً أنهم على وشك تنفيذ الفكرة وحمل بشر في هذه المركبات، لكن التكلفة المادية مرتفعة جداً، وليس هناك من هو مستعد لدفعها».

وبناء على اقتراح الرئيس السابق لناسا، طبق ألدرين فكرته على المريخ بدلاً من ذلك. وأضاف ألدرين: «بعض الناس رغبوا في تسمية ذلك باسم ‘السلم الصاعد’ الذي يصعد إلى المريخ ويهبط ثانية. حسناً لقد علمني باكمنستر فولر أنه في الفضاء لا يوجد صعود وهبوط، وإنما يوجد خروج ومن ثم عودة».

ثم أصبح هذا النظام يعرف الآن باسم «سايكلر أوربت»، وهو مدار حول الشمس يمر بالمريخ والأرض. والهدف هو استخدام مركبة فضائية كبيرة تشبه حافلة النقل، تدور جيئة وذهاباً بين هذه الأجرام.

و تعمل الجاذبية الخاصة بكل كوكب بمثابة مقلاع يزيد من سرعة المركبة الفضائية، ويقلل من الوقود اللازم، ويترك مساحة معيشة إضافية لرجال الفضاء. وستقوم مركبات فضائية صغيرة على غرار التاكسي بنقل رجال الفضاء من الأرض إلى سفينة فضائية أكبر، والفكرة هي استخدام أكبر أقمار المريخ فوبوس كمنطلق لاستعمار المريخ. وقد أدت فكرة ألدرين «سايكلر أوربت» الخاصة بالمريخ إلى التعاون مع البروفسور جيمز لونغوسكي من جامعة بوردو في ولاية إنديانا، وبالتالي إقامة مشروع أطلق عليه اسم ألدرين-بوردو.

يقول ألدرين: «ساهم ذلك في تكوين لونغوسكي رابطة مع طلابه المتخرجين الذين قدموا تحسينات اعتمادا على أساس فكرتي». وقاد ذلك إلى دراسة جدوى مفصلة العام الماضي، وخطة زمنية لاستيطان المريخ بحلول عام 2040. ويقول ألدرين بحزم: «إنه احتلال وليس زيارة». وسألت ألدرين: إذا أتيحت لك الفرصة، هل ستذهب إلى المريخ غداً؟ فأجاب على الفور: «لا. وجودي هنا له أهمية أكبر».

يبدو ذلك أمرا يتسم بالتعالي (وربما يكون كذلك فعلاً)، لكن سببه يعود إلى أن مساهمة ألدرين الفكرية في السفر إلى الفضاء ربما تكون أقل شهرة من ماضيه كرجل فضاء. لقد شعرت أنه يرغب في أن يتذكره الناس على الأرض لمهاراته الهندسية والمدارية وليس فقط لتركه آثار قدميه على القمر.

عندما أجريت مقابلة مع ألدرين آخر مرة في أوائل التسعينيات، كان الهدف هو تسويق مغامرته الأولى لتستخدم في رواية خيال علمي للكاتب جون بارنيز. كان ألدرين حريصاً أيضا في ذلك على الخروج عن الموضوع ومناقشة استيطان المريخ حتى في ذلك الوقت. وبعد عشرين سنة، لا تزال كتب ألدرين العلمية الحديثة، والتي يوجد منها الكثير، تركز على استيطان الكوكب الأحمر.

ويقول ألدرين في هذا السياق: «لن أكون على قيد الحياة عندما يستوطنون المريخ، ولكن سيكون لديك الكثيرون للقيام بهذا الأمر، والذين سيكونون من الباحثين والمغامرين الذين يحفرون في الصخر، ويبحثون عن الأميبا متناهية الصغر، أو يدرسون الحفر، ولكن من سيفعل ذلك لست أنا».

لذلك سيمكث ألدرين على الأرض، وسيترك المريخ للأجيال القادمة.