• الخميس. نوفمبر 9th, 2023

…السقط خير منه…

يوليو 28, 2022

كلما فكرتُ في الإنسان الذي يأتي إلى الحياة ليعمل في عمل ما ويشتغل طوال الوقت لكي يدفع فواتير ويسدد ديون ثم يتزوج وينجب ويزيد من عمله لكي يربي أولاده ويتوه في دوامة العمل.. وفي النهاية يبحث له أهله عن مقبرة تليق بجسده الميت ليفارق الحياة ولا ذكر له بعد جنازته..
أجد أن السقط الذي لم تُفتح عينه على الحياة كان أفضل من ذلك الإنسان الذي جاء وفارق دون هدف ودون ذكر له بإنجازاته التي فعلها.
ولم أقصد بالإنجازات، تلك المشاريع التي أسسها أو المال الضخم الذي تركه.
ولكن قد يفهمني القارئ عندما أسأله، ما الذي حققه توماس أديسون؟ إنه ذلك الشخص الذي صنع المصباح الكهربائي.. وما الذي حققه إسحق نيوتن؟ إنه الشحص الذي اكتشف الجاذبية.. وما الذي حققة رينيه لينيك؟ أنه صنع السماعة الطبية التي يسمع بها الطبيب دقات قلب الإنسان ليعالج أمراضه… وما الي حققه تشارلز بابيج؟ أنه اخترع الكمبيوتر.
فلولا هؤلاء لكن العالم في ظلمة وغير متطور ومريض وغير متصل بغيره أو مثقف.
فهؤلاء يذكرهم التاريخ دائماً لأنهم نفعوا العالم بأفكاراهم وابتكاراتهم، وبسببهم تطور العالم.
ولكن الذي أتى ليشتغل ويصرف ويعيش حياة عادية ثم يموت، فما النفع منه؟…
هذا عن الشخص الذي لا لا نفع منه، ولكن ماذا عن الشخص الذي لا نفع منه ولكن كان ضرراً منه؟
فهناك أناسٌ أتوا إلى ذلك العالم وهدفهم التدمير والتخريب وإيقاع الأذى بالآخرين، واستخدام أساليب النصب والاحتيال لتحقيق إما مكاسب مادية أو معنوية لأنفسهم فقط؟
ماذا عن الذين يحبون أن يذكرهم التاريخ أنهم كانوا مدمرين وحارقين للعالم، ويذكرهم التاريخ بأنهم جلبوا كوارث وأمراض وأوبئة على العالم؟.
هل استحق أولئك أن يولدوا من الأصل؟ هل كان السقط خير منهم؟
نعم فهم ما أتوا إلى العالم وخرجوا منه دون نفع فحسب، وإنما كانت لهم بصمات تخريبية وأوقعوا الأذى بالناس سواء على المستوى المجتمعي الكبير أو على المستوى الفردي..
أصلي أن لا أكون مثل هؤلاء، وأصلي أن لا تكون أنت مثل هؤلاء.. والمقياس الذي تعاير به نفسك هو أن تسأل نفسك: «ما الذي نفعت به العالم الكبير أو مجتمعي الصغير، وهل سيذكرني التاريخ بالخير والنفع، أم أن السقط خير مني».