• الخميس. نوفمبر 9th, 2023

الامبراطورية الأسبانية «الجزء الثالث»

فبراير 17, 2018

إعداد / أندرو حلمي

النصر الحاسم للجيش الامبراطوري الكاثوليكي وأسبانيا على السويديين

في سنة 1630 حط في ألمانيا غوستاف الثاني أدولف السويدي أعظم ملوك السويد وأحد أهم الشخصيات البروتستانتية حيث خلص ميناء اشترالزوند، آخر المعاقل الأوروبية للقوات الألمانية المحاربة للإمبراطور. ثم سار غوستاف جنوبا فجذب إليه المزيد من البروتستانت مع كل خطوة يخطوها وانتصر في معركة برايتنفلد وأيضا في معركة لوتسن سنة 1632 التي كلفته حياته. فتحسن وضع الكاثوليك بعد موته، حيث انتصروا في معركة نوردلنجن (1634). لذا ومن موقع قوة اقترب الإمبراطور من الولايات الألمانية التي أنهكتها الحرب في 1635 مع عرض للسلام: فوافقت عدة ولايات بما فيها براندنبورغ وسكسونيا. ولكن دخول فرنسا الحرب أربك الحسابات الدبلوماسية.

عد الكاردينال ريشيليو مؤيدا قويا للهولنديين والبروتستانت منذ بداية الحرب، فقد أرسل الأموال والعتاد إليهم في محاولة للحد من قوة هابسبورغ في أوروبا. وقرر أن معاهدة صلح براغ تتعارض مع مصالح فرنسا وأعلن الحرب على إمبراطور رومانيا المقدسة وإسبانيا بعد أشهر من تلك المعاهدة. وقد حقق الأسبان الأكثر خبرة نجاحات أولية في بداية الحرب. فقد أمر اوليفاريس بحملة خاطفة على شمال فرنسا من هولندا الإسبانية، على أمل تحطيم عزيمة وزراء الملك لويس الثالث عشر وإسقاط ريشيليو. فتقدمت القوات الأسبانية جنوبا حتى كوربي في 1636، مما أشعل جو الخطر في باريس بأن الحرب باتت قريبة إلى الإنتهاء بشروط اسبانيا. لكن بعد نهاية السنة أوقف اوليفاريس تقدم قواته خوفا من ظهور إفلاس جديد للتاج. فتردده في الضغط أكثر ميزة أتت بالمصير السيء له: فتجمعت القوات الفرنسية من جديد فدفعت الإسبان بالتقهقر نحو الحدود، بحيث لم يتمكنوا من الوصول لتلك النقطة مرة أخرى. وفي البحر تمكنت البحرية الهولنديةمن تدمير إسطول إسباني يحمل جنودا في معركة داونز سنة 1639. ووجد الأسبان أنفسهم غير قادرين على توفير وتعزيز قواتهم في هولندا.

واجه جيش الفلاندرز هجوما فرنسيا بقيادة لويس الثاني دو بوربون شمال فرنسا في روكروا سنة 1643. حيث تعرض الجيش الذي قاده فرانسيسكو دي ميلو للهزيمة بعد معركة متقاربة أجبر الإسبان على الاستسلام بشروط مشرفة. وبما أنها ليست مذلة ولا نكراء إلا أنها انهت المكانة العالية لجيش الفلاندرز. أدت تلك الهزيمة أيضا إلى إقالة اوليفاريس، حيث حبس في قصره بأمر الملك وتوفي بعدها بعامين بعد أن أصابه الإنكسار والجنون.

النهاية الرمزية لعظمة أسبانيا؛ وبعدها بدأ الإنحدار البطيء

أشار المؤرخون أن معركة روكروا (1643) هي البداية لنهاية هيمنة أسبانيا في أوروبا وإن كانت الحرب لم تنته بعد حيث أتت انتصارات أسبانية بعد تلك الانتكاسة. ثم أتت الثورة البرتغالية ضد الأسبان في عقد 1640 وبمساعدة من أهالي كتالونيا ونابولي والفرنسيون. وعلقت الأراضي المنخفضة الأسبانية بين القبضة المحكمة للقوات الفرنسية والهولندية بعدمعركة لنس في 1648، مما أجبر الأسبان بإعطاء سلاما مع الهولنديين حيث اعترف باستقلال المقاطعات المتحدة بمعاهدة صلح وستفاليا التي أنهت كلا من حرب الثمانين عاما وحرب الثلاثين عاما.

استمرت الحرب مع فرنسا لمدة أحد عشر سنة أخرى. على الرغم من أن فرنسا تعاني من حرب أهلية 1648-1652، إما أسبانيا فقد استنفدت قوتها في حرب الثلاثين عاما بالإضافة إلى الثورة المشتعلة في البرتغال وكاتالونيا ونابولي. فعندما انتهت الحرب ضد المقاطعات المتحدة في 1648، تمكن الأسبان من إخراج الفرنسيين من نابولي في ذات السنة وكاتالونيا في 1652، وتمكنوا من استعادة دونكيرك واحتلوا عدة قلاع بالشمال الفرنسي واحتفظوا بها حتى تم الصلح أما الحرب فقد انتهت بعد معركة ديونز (1658) حيث تمكن الفرنسيون بقيادة الفيكونت دورين من استعادة دونكيرك. فوافق الأسبان سنة 1659 على صلح البرانس حيث تنازلوا بموجبه لفرنسا عن مقاطعة هولندا الأسبانية ارتوا ومقاطعة روسيون بشمال كتالونيا.

ثارت البرتغال في سنة 1640 بقيادة جواو البراغانزا وهو مدع للعرش. وقد تلقى دعما قويا من الشعب البرتغالي، أما إسبانيا  فلم تكن قادرة على المجابهة القوية لتلك الثورة. فاستولى جواو على العرش بإسم الملك جواو الرابع وقد تعايشت كلا من إسبانيا والبرتغال حالة فعلية للسلام من 1644 إلى 1656. وعندما توفي جون في 1656 حاول الإسبان انتزاع البرتغال من ابنه ألفونسو السادس ولكن هزموا في معركتي اميكسيال (1663)، ومونتيس كلاروس (1665) فأجبر الأسبان على اعتراف باستقلال البرتغال عام 1668.

اجتماع الملكين فيليب الرابع الأسباني ولويس الرابع عشر الفرنسي في 7 يوليو 1661 في جزيرة الفزان

لا زالت أسبانيا إمبراطورية ضخمة خارج أوروبا، أما فرنسا فقد أصبحت الآن قوة مهيمنة في أوروبا، والمقاطعات المتحدة تهيمن في المحيط الأطلسي.

قتل الطاعون الكبير في إشبيلية (1647-1652) ما يصل إلى 25٪ من السكان المدينة. فلم يتمكن الاقتصاد إشبيلية ولا الاقتصاد الأندلسي من التعافى من ذلك الدمار. وإجمالا خسارة إسبانيا تقريبا 500٫000 شخص من عدد سكانها الذين أقل قليلا من 10٫000٫000 أي حوالي 5٪ من إجمالي السكان. وقد رجح المؤرخون أن الكلفة البشرية من الطواعين في كامل تراب إسبانيا في القرن ال17 لايقل عن 1.25 مليون إنسان.

كان الوصي على عرش الملك الشاب كارلوس الثاني غير كفء في التعامل مع حرب أيلولة ضد لويس الرابع عشر الذي طالب بأراضي في هولندا الإسبانية في 1667-1668، فتم فقدان مدن وأراضي ضخمة ومن ضمنها مدينتي ليل وشارلوروا ففقدت إسبانيا هيبتها. ثم استمرت خسارة أسبانيا لمدن أخرى عندما تدخلت في الحرب الفرنسية الهولندية(1672-1678) لمساعدة هولندا عدوتها السابقة، ومن أبرزها مدينة فرانش كونته. ثم غزا لويس هولندا الإسبانية مرة أخرى في حرب التسع سنوات (1688-1697).

كانت معركة المانسا (1707) من أشد الإشتباكات ضراوة في حرب الخلافة الإسبانية.

تمكنت القوات الفرنسية بقيادة دوق لوكسمبورغ من هزيمة الإسبان في معركة فلورو(1690) وبالتالي هزمت القوات الهولندية بقيادة ويليام الثالث التي حاربت إلى جانب الأسبان. وبنهاية الحرب أضحت معظم أراضي هولندا الإسبانية بيد الفرنسيين، بما فيها غنت ولوكسمبورغ. وقد كشفت الحرب لأوروبا مدى هشاشة وضعف الدفاعات الإسبانية والبيروقراطية المتفشية. ولم تتخذ حكومة هابسبورغ الأسبانية فعالة أي إجراء لتحسينها.

شهدت العقود الأخيرة من القرن الـ 17 الركود والاضمحلال التام في أسبانيا. فبينما بدأت أوروبا الغربية بتغييرات مثيرة في الحكومات والمجتمعات استمرت أسبانيا بلا هدف واضح. فتراكمت بيروقراطية إسبانيا حول كاريزما كارلوس الأول وفيليب الثاني الأذكياء الذين كدحوا لملكية قوية وصلبة; فأتى ضعف وعدم اهتمام فيليب الثالث والرابع الذين ساهما في اضمحلال أسبانيا. وكذلك تخلف كارلوس الثاني العقلي وعنانته التي منعته من انجاب اطفال. و كانت وصيته الأخيرة نقل عرشه إلى أمير فرنسي: البوربوني فيليب أنجو بدلا من أي قريب له من آل هابسبورغ، حتى وإن كان من النمسا. فأدى ذلك إلى حرب الخلافة الإسبانية.

أفريقيا والبحر المتوسط

أصبح العثمانيون بحلول القرن الـ16 يهددون أوروبا تهديدا وجوديا. فانتصاراتهم أعطتهم مكاسب كبيرة توجه النصر الحاسم في معركة موهاج. لذا فقد فضل كارلوس على زيادة استخدام استراتيجية البحرية لمحاربتهم، فأعاق استيلاء العثمانيين على أملاك البندقية في شرق المتوسط.

وتعرضت عدة موانئ ومدن الساحلية في أسبانيا وإيطاليا وجزر البحر المتوسط في كثير من الأحيان لهجوم البحرية الإسلامية من شمال أفريقيا. فجزيرة فورمينتيرا قد هجرها أهلها عدة مرات ولفترات طويلة، والكثير من السواحل الأسبانية والإيطالية قد أخليت من سكانها. ومن أشهر قادة الأساطيل البحرية الإسلامية بربروس. ووفقا لمصادر غربية فإن مابين 1 مليون و1.25 مليون من الأوروبيين قد اخذهم قراصنة شمال افريقيا وباعوهم عبيدا في شمال أفريقيا ومناطق الدولة العثمانية بين قرني 16 و19.

شهد عهد كارلوس الخامس ضعف في الوجود الإسباني بشمال أفريقيا، فإن كانوا أخذوا تونس ومينائها حلق الوادي في 1535. فإنها فقدت معظم ممتلكاتها واحدا تلو الآخر: جزيرة قميرة (1522) وسانتا كروز دي مار (1524) والجزائر(1529) وطرابلس (1551) وبجاية (1554) ثم تونس ومينائها حلق الوادي (1569). عدا ماكان ردا على غارات البحرية الإسلامية والقرصنة على ساحل إسبانيا الشرقي حيث قاد كارلوس شخصيا هجمات ضد تونس (1535)والجزائر (1541).

شهدت معركة ليبانت (1571) بداية انحسار هيمنة البحرية العثمانية في المتوسط وفي 1560 طرد العثمانيين الإسبان من ساحل تونس في معركة جربة. ولكنهم هزموا عندما حاصروا مالطا في 1565 بعد وصول امدادات من الإسبان لمساعدةفرسان القديس يوحنا. وبعدها بسنة توفي سليمان القانوني وخلفه ابنه سليم الثاني مما شجع فيليب على عزمه بنقل الحرب إلى الأراضي العثمانية. فتحركت في 1571 حملة بحرية ضخمة للعصبة المقدسة مكونة من الأسطول الإسباني والبندقية وسفن بابوية قادها دون خوان النمساوي ابن كارلوس غير الشرعي فأباد الأسطول العثماني في معركة ليبانت. انهت المعركة هيمنة البحرية العثمانية في البحر المتوسط. تميزت هذه الحملة مكانة إسبانيا العالية وسيادتها الخارجية مما حملت فيليب عبء القيادة في مكافحة الاصلاح.

سرعان مااستردت البحرية العثمانية عافيتها. فاستعادت تونس في 1574، وساعدوا أيضا حليفهم عبد الملك الأول السعدي لإستعادة عرش المغرب في 1576. وفيفارس كانت وفاة الشاه طهماسب فرصة للسلطان العثماني للتدخل في هذا البلد. وفي 1580 تم الاتفاق على هدنة في البحر المتوسط مع فيليب الثاني. ولكن تبقى هزيمتهم في ليبانت أمام الأسبان قد قضى على أفضل الكفاءات من بحارتها ذوي الخبرة في أسطولهم البحري، ولم تتمكن من المعافاة من فقدان تلك الأعداد. وعدت ليبانتو نقطة تحول حاسمة في السيطرة على البحر المتوسط بعد قرون من سيطرة المسلمين إلى السيطرة الأوروبية التي بدأت من الإمبراطورية الإسبانية وحلفائها.

في النصف الأول من القرن الـ 17 هاجمت السفن الأسبانية ساحل الأناضول، فهزمت الأساطيل العثمانية في معركتي كيب سليدونيا وكيب كورفو. واستولوا علىالعرائش والمعمورة على الساحل الأطلسي للمغرب وجزيرة الحسيمة في البحر المتوسط. ولكنها فقدت العرائش والمعمورة في النصف الثاني من ذات القرن.

العالم الجديد

غزاة ومستكشفين

الإمبراطور أتاوالبا وهو محاط بمحفته في معركة كاخاماركا.

قاد إستعمار أسبانيا للأمريكتين بعد كولومبوس مجموعة من الجنود المستكشفين يلقب عليهم كونكيستدور أو الغزاة. فالقوات الإسبانية إضافة إلى تسليحهم الكبير ومزايا الفروسية لديهم قد استغلوا تنافس قبائل وشعوب أمريكيا الأصلية فيما بين بعضهم البعض، قد كان بعضهم على استعداد لتشكيل تحالفات مع الإسبان لهزيمة أعداء أقوى منهم، مثل الأزتيكوالأنكا. وقد استخدمت القوى الإستعمارية الأوروبية تكتيك فرق تسد على نطاق واسع. وسهل أيضا الغزو الأسباني من انتشار الأمراض (مثل الجدري) الذي لم يكن موجودا أبدا في العالم الجديد، الأمر الذي قلل من أعداد السكان الأصليين في الأمريكتين. وتسبب ذلك أحيانا نقصا في عمالة المزارع والعمالة العامة. ولسد ذلك النقص بدأ المستعمرون تدريجيا بتجارة العبيد عبر الأطلنطي. من أبرع الغزاة الإسبان كان هرنان كورتيس الذي قاد قوة إسبانية صغيرة ومعه مترجمين محليين إضافة إلى الدعم القوي من عدة آلاف من السكان الأصليين الذين تحالفوا معه، فأتم الغزو الإسباني للمكسيك خلال فترة 1519-1521. وأصبح هذا الإقليم بعد ذلك إسبانيا الجديدة (المكسيك حاليا) تابعا للتاج الأسباني. وبنفس الأهمية كان الغزو الإسباني لإمبراطورية إنكا بقيادة فرانسيسكو بيزارو التي أصبح إقليم بيرو التابع للتاج الأسباني.

بعد غزو المكسيك سرت شائعات عن مدن ذهبية (كويفيرا وسيبولا في أمريكا الشمالية والدورادو في أمريكا الجنوبية) حركت حملات عديدة، ولكن الكثير منها عاد دون أن يجدوا أهدافهم، أو على الأقل العثور على اماكن لها قيمة أقل بكثير من المطلوب. إلا أنه في الواقع فقد بدأت مستعمرات العالم الجديد في اعطاء مداخيل ضخمة للتاج مثل انشاء المناجم في بوتوسي (بوليفيا) وزاكاتيكاس (المكسيك) كليهما أنشئ في 1546. وبحلول نهاية القرن ال16 مثلت الفضة القادمة من الأمريكيتين خمس إجمالي ميزانية أسبانيا الكلية.

تضاعف مخزون العالم من معادن ثمينة وازدات الفضة ثلاث مرات من الأمريكتين. وتشير السجلات الرسمية أن 75٪ من فضة العالم عبرت الاطلسي إلى إسبانيا و25٪ منها عبرت الهادي إلى الصين. ويرى بعض الباحثين المعاصرين أنه بسبب عمليات التهريب الكبيرة فإن 50٪ منها ذهب إلى الصين. وقد دخل موانئ الأمريكتين من الأوروبيين في القرن 16 تقريبا «240,000 أوروبي».

ازداد تدريجيا عدد المستوطنات الأسبانية التي تم تأسيسها في العالم الجديد: نيو غرانادا في عقد 1530 (سميت بإقليم غرانادا التابع للتاج الإسباني سنة 1717 وهي حاليا كولومبيا)، ليما في سنة 1535 وكانت عاصمة إقليم البيرو. بيونس أيرس في 1536 (سميت في 1776 ملكية ريو دي لا بلاتا البديلة)، وسانتياغو سنة 1541. وقد اسس بيدرو مينينديث دي أفيليس سنة 1565 مستوطنة سانت أوغسطين في فلوريدا وهي أقدم مستوطنة أسسها الأوروبيون في الولايات المتحدة. ثم أحبط محاولة فرنسية لإنشاء موطىء قدم لهم في مقاطعة فلوريدا الإسبانية. وسرعان ماأضحت سانت أوغسطين قاعدة استراتيجية لحماية السفن الإسبانية المملوئة بالذهب والفضة القادمة من مستوطنات العالم الجديد لإرسالها إلى إسبانيا.

المستوطنات الأسبانية في شيلي

قبل تدمير المدن السبع; في 1604, سقطت جميع المستوطنات جنوب نهر بيوبيو ماعدا الموجودة في تشيليو وقتل البرتغالي فرديناند ماجلان في الفلبين سنة 1522 عند محاولته الإبحار حول العالم. فقاد الحملة ممن بعده الباسكي خوان سباستيان إلكانو لإكمال الرحلة الناجحة. لذا فقد سعت إسبانيا لفرض حقوقها في جزر الملوك فقاد ذلك إلى صراع مع البرتغاليين، ولكن تم حل المشكلة في معاهدة سرقسطة (1525) وسويت مواقع خط الزوال العكسي لتوردسيلاس، والتي قسمت العالم إلى نصفين متساويين. ومن بعدها أدت الحملات البحرية إلى اكتشاف العديد من الجزر في جنوب المحيط الهادئ ومنها جزر بيتكيرن والماركيز وتوفالووفانواتو وجزر سليمان وغينيا الجديدة.

أنشأت أول مستوطنة أسبانية في الفلبين يوم 27 ابريل 1565 بيد ميغيل لوبيز دي ليجازبي حيث دشن خدمات مانيلا جاليون.فهي تشحن البضائع من جميع أنحاء آسيا عبر المحيط الهادي إلى أكابولكوعلى ساحل المكسيك. من هناك تنقل من سفن البضائع من المكسيك عبر أساطيل المال الأسبانية لشحنها إلى إسبانيا. جعلت مانيلا مركز تجاري أسباني لتسهيل طرق تجارتها في 1572. ولتسهيل ذلك تم الهيمنة على جزر غوام وجزر ماريانا وجزر كارولين وبالاو من نهاية القرن 17. وقد وبقيت تحت السيطرة الإسبانية حتى 1898.

التنظيم والإدارة

وبما أن تاج قشتالة مول رحلة كريستوفر كولومبوس في 1492، لذا فإن الإمبراطورية في الأمريكتين قد تم أنشائها حديثا تتبع سلطة التاج مباشرة، لذا لا يمكن إعاقة تلك السلطة سواءا الكورتيز (أي البرلمان) أو المؤسسات الإدارية أو كنسية أو المجموعات الإقطاعية.

من بداية استكشاف وغزو الإنديز، تولى التاج سيطرة على المشروع مبعدا عنها أسرة كولومبوس. ففي سنة 1503 أنشأ غرفة التجارة الإسبانية (Casa de Contratación) لينظم الهجرة إلى العالم الجديد والذي اقتصر على المسيحيين القدماء خاصة العوائل والنساء. إضافة إلى ذلك فقد تولت غرفة التجارة الإسبانية مسؤولية الرسوم المالية والرقابة القضائية في التجارة مع الهند.

شكل نظام الحكم في أسبانيا من خلال نظام بوليسنودي للمجالس في نصح الملك واتخاذ القرارات نيابة عنه حول مسائل محددة للحكومة. في سنة 1524 تأسس مجلس الإنديز ومقره قشتالة وهو مكلف بتولي الحكم في الإنديز وبالتالي مسؤول عن صياغة التشريعات واقتراح التعيينات للملك ونطق الجمل القضائية. وبما أنه السلطة العليا في أراضي ماوراء البحار، فقد تولى مجلس الإنديز مسئولية التشريع في جزر الهند للدفاع عن مصالح التاج ومسؤولية الأهالي الأصليين.

نتجت قوانين الإنديز من قوانين بورغوس (1512-1513) وهي أول مجموعة مقننة من القوانين التي تحكم سلوك المستوطنين الأسبان في الأمريكتين، وخاصة فيما يتعلق بمعاملة المواطنين الهنود. حيث منعت إساءة معاملة الأهالي وأقرت اختزال الهنود مع محاولات تحويلهم إلى الكاثوليكية. وعندما فشلوا استبدلوا تلك القوانين بالقوانين الجديدة (1542).

1541 تأسيس سانتياغو دي تشيلي

أمضى الأسبان بعض القوانين التي تحمي السكان الأصليين لأراضي العالم الجديد. وبالرغم من أن الملكة إيزابيل كانت أول ملك وضع حجر الأساس لحماية الشعوب الأصلية في وصية لها بحظر استعباد الشعوب الأصلية للأمريكتين. ثم كان قانون 1542 هو الأول من نوعه. كان الفكر القانوني لذلك القانون هو أساس القانون الدولي الحديث. وإن كانت بعض المستعمرات البعيدة كانت ترفض تلك القوانين مستفيدة من بعدها عن أسبانيا لأن ذلك يضعف من قوتهم، فأدى ذلك إلى إبطال جزئي لبعض القوانين الجديدة.

كلية سان جورجيو

كلية سان جورجيو المكان الذي ظهرت فيه قوانين الإنديز إلى النور

كانت مناظرة بلد الوليد (1550-1551) أول مناظرة أخلاقية في التاريخ الأوروبي لمناقشة كيفية تعامل المستعمرون مع الشعوب المستعمرة. وعقدت تلك المناظرة في كلية سان جريجوريو في بلد الوليد. وكانت مناظرة أخلاقية ودينية عن استعمار الأمريكتين، لتبرير التحول إلى الكاثوليكية. وتكلم بتحديد أكثر حول العلاقة بين المستوطنين الأوروبيين وسكان العالم الجديد الأصليين. وأحتوت على عدد من وجهات نظر المتعارضة حول طريقة دمج السكان الأصليين في الحياة الاستعمارية، وتحولهم إلى المسيحية وحقوقهم وواجباتهم. وحسب المؤرخ الفرنسي جان دومون: «مناظرة بلد الوليد كان نقطة تحول كبرى في تاريخ العالم، ففي تلك اللحظة ظهر فجر حقوق الإنسان في اسبانيا».

تسببت سياسة ترسيخ السلطة الملكية المعارضة لكولومبوس إلى كبح جماح وحدة حكومة الإنديز وظهور مقاطعات تأتمر بأمر الحكومة. تلك المقاطعات كانت مقيدة لحكومة الإنديز الاقليمية، نشأت عندما احتلت الأراضي واستعمرت. لتنفيذ حملة ما (بالإسبانية: entrada) يستلزم الاستكشاف ثم الغزو ثم توطين أولي للأرض. وبما أن الملك هو حاكم الإنديز فيعطي موافقة على عقد امتيازات (بالإسبانية: capitulación) يذكر فيها تفاصيل شروط البعثة في أراضي معينة. يتولى قائد البعثة نفقات المشروع وفي المقابل ينال منحة من الحكومة التي استكشف أراضيها مكافأة له وإضافة إلى ذلك، فقد تلقوا تعليمات حول التعامل مع البدائيين.