• الأربعاء. نوفمبر 8th, 2023

إعداد/ مريم صابر

الاستنساخ البشري يعني صنع نسخة مطابقة وراثياً للإنسان ويستخدم هذا المصطلح عادةً للإشارة إلى الاستنساخ البشري الاصطناعي وهو استنساخ خلايا وأنسجة بشرية, فهو لا يشير إلى التوائم المتطابقة والتي تعتبر وسيلة شائعة لإنتاج نسخ بشرية وتُعد أخلاقيات الاستنساخ مسألة مثيرة للجدل.
ويعتبر الاستنساخ العلاجي والاستنساخ التكاثري من أكثر أنواع الاستنساخ البشري مناقشة, و الاستنساخ العلاجي هو استنساخ خلايا من شخص بالغ واستخدامها كعلاج وطُعم.
ومن الطرق الشائعة للاستنساخ العلاجي: النقل النووي للخلايا الجسدية ومؤخرا تخليق خلايا جذعية محفزة والاستنساخ التكاثري هو صنع جسد مستنسخ كاملاً بدلاً من استنساخ خلايا أو أنسجة محددة فقط.

التاريخ:

بدأ العلماء وصناع السياسات بأخذ احتمالية الاستنساخ البشري بجدية في عام 1960 وكان موضع تكهنات لفترة طويلة من القرن العشرين.
ودعا جوشوا يدربيرغ المختص بعلم الوراثة والحائز على جائزة نوبل للاستنساخ والهندسة الوراثية في صحيفة ذي ناتيوريست الأمريكية عام 1966 للإستنسخ البشري ودعا له مرة أخرى في العام التالي في صحيفة واشنطن بوست (واشنطن بوست).مما اثار جدلاً مع المتحفظ ليون كاس المتخصص بأخلاق الطب الحيوي. ونشر جيمس واطسون الحائز على جائزة نوبل, إمكانات ومخاطر الاستنساخ في مقالته المنشورة في مجلة اتلانتك الشهرية (ذا أتلانتيك) في مقال اسمه «الإتجاه نحو الرجل النسيلي»، في عام 1971.
ووصلت تقنية استنساخ الثدييات وإن كانت بعيدة عن الوثوق التام إلى أن العديد من العلماء أصبحوا على دراية بها، و أصبحت المطبوعات في متناول الجميع، وتنفيذ هذه التكنولوجيا ليس مكلفاً مقارنة بالعديد من العمليات العلمية الأخرى, و لهذا السبب جادل لويس د.إيغين أن محاولات استنساخ البشر سوف تبدأ في السنوات القليلة المقبلة، وربما قد بدأت بالفعل.
وصنعت تكنولوجيا الخلايا المتقدمة أول نسخة بشرية مهجنة في نوفمبر عام 1998، وكانت مأخوذة من خلية من ساق رجل وبويضة بقرة بعد إزالة الحمض النووي منها وقد تم تدميره بعد 12 يوما.
وقال الدكتور روبرت لانزا، مدير تكنولوجيا الخلايا المتقدمة عن هندسة الأنسجة أن الجنين لا يمكن أن ينظر إليه كشخص قبل اليوم الرابع عشر ووفقا لتكنولوجيا الخلايا المتقدمة (ACT) فإن الهدف كان «الاستنساخ العلاجي وليس الاستنساخ التكاثري»
و في عامي 2004 و 2005، نشر هوانج وو سوك، وهو أستاذ في جامعة سيول الوطنية مقالين منفصلين في مجلة ساينس (Science) العلمية مدعياً أنه نجح في استنساخ خلايا جذعية جنينية من كيسة أريمية بشرية مستنسخة باستخدام تقنيات نقل نواة خلية جسدية بنجاح.
وادعى هوانج ايضاً بأنه صنع 11 نوعاً مختلفاً من خطوط الخلايا الجذعية وكان هذ أول نجاح كبير في مجال الاستنساخ البشري.

ونشر مجموعة من العلماء في مايو عام 2013 تقريراً عن محاولة استنساخ بشري ناجحة استعملوا فيها نهج نقل نواة الخلية الجسدية من خلايا ليفية إنسانية إلى بويضات ونتج عنها أجنة قابلة للنمو فتصبح كيسة أريمية وتمكن العلماء من الحصول على خلايا جذعية جنينية من مثانات بلاستولية و التي يمكن أن تؤدي إلى استنساخ علاجي ناجح ولكن لم يتضح بعد ما إذا كانت الأجنة المستنسخة قادرةً على التطور حيث لم يتم الشروع في أي تجارب للتطوير,

الاثار الأخلاقية:

تشير أخلاقيات الاستنساخ في علم الأحياء إلى مجموعة من الآراء الأخلاقية المتنوعة والمتعلقة بممارسة وإمكانية الاستنساخ، وخصوصاً الاستنساخ البشري، في حين أن العديد من هذه الآراء هي آراء دينية في الأصل، وأبدى علماء ايضاً الكثير من التساؤلات عن الاستنساخ البشري.
كما تعتبر احتمالية الاستنساخ البشري نظرية فقط، حيث أن الاستنساخ البشري بنوعيه العلاجي والتناسلي لا يستخدم تجارياً، أما بالنسبة للاستنساخ الحيواني فتستنسخ الحيوانات في المختبرات وتستعمل حالياً في المنتجات الحيوانية.
ويدعم مؤيدوا الاستنساخ تطوير الاستنساخ العلاجي من أجل توليد أنسجة وأعضاء كاملة لعلاج المرضى الذين لا يستطعون الحصول على زرع، ولتجنب الحاجة إلى الأدوية المثبطة للمناعة، ولمنع آثار الشيخوخة من الظهور.
ويعتقد مؤيدوا الاستنساخ الإنجابي أنه ينبغي تسهيل وصول هذه التكنولوجيا إلى الآباء والأمهات الذين لا يستطيعون الإنجاب..
أما معارضوا الاستنساخ فلديهم مخاوف من أن هذه التكنولوجيا لم تتطور بعد لتكون آمنة، وأنها من الممكن أن تكون عرضة لسوء المعاملة مما يؤدي إلى صنع نسل من البشر من الممكن أخذ أعضائه وأنسجته، وهم قلقون أيضاً من أن الأفراد المستنسخون لن يندمجوا مع الأُسر والمجتمع ككل.
وتنقسم الجماعات الدينية، فبعض المعارضين لهذه التكنولوجيا يعارضونها لأنها تلعب دور الخالق ولأنهم يستخدمون أجنة حقيقة فيدمرون حياة إنسان؛ و آخرون يدعمون الاستنساخ العلاجي لما له من فوائد منقذة لحياة افراد.

القانون الحالي:

أستراليا:

حظرت أستراليا الاستنساخ البشري ومع ذلك فاعتباراً من ديسمبر عام 2006، ظهر مشروع قانوني يجيز الاستنساخ العلاجي وتخليق أجنة بشرية لأبحاث الخلايا الجذعية واعتمده مجلس النواب بشروط تنظيمية معينه وخاضعة لتشريع الدولة، فالاستنساخ العلاجي الآن مسموح به قانونيا في بعض الولايات الاسترالية.

كندا:

يحظر القانون الكندي ما يلي: استنساخ البشر، واستنساخ الخلايا الجذعية، وخلق أجنة بشرية لأغراض بحثية، واختيار الجنس، وشراء الأجنة والحيوانات المنوية والبويضات و غيرها من المواد الإنجابية للإنسان وبيعها كما يحظر إجراء تغييرات على الحمض النووي البشري المتوارث من جيل إلى آخر، بما في ذلك استخدام الحمض النووي الحيواني على البشر ولكنه يسمح بالأمهات البديلات قانوناً و يسمح أيضاً بالتبرع بالحيوانات المنوية أو بالبويضات للأغراض التناسلية ويسمح أيضاً بالتبرع بالأجنة البشرية وبالخلايا الجذعية لأستخدامها في البحوث.
وكانت هناك دعوات ثابتة في كندا لحظر الاستنساخ البشري منذ عام 1993 بعد تقرير اللجنة الملكية المعنية بالتكنولوجيا الإنجابية الجديدة وأشارت إستطلاعات أن الأغلبية الساحقة من الكنديين يعارضون الاستنساخ الإنجابي، وعلى الرغم من ذلك فأن أنظمة الاستنساخ البشري لا تزال تشكل قضية وطنية ودولية هامة سياسياً ويستخدم مفهوم «الكرامة البشرية» عادةً لتبرير قوانين الاستنساخ و الأساس خلف هذا التبرير هو أن الاستنساخ البشري التناسلي ينتهك مفاهيم الكرامة البشرية.

الإتحاد الأوروبي:

حظرت الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والطب الحيوي الاستنساخ البشري في بروتوكول من بروتوكولاتها الإضافية، ولكن لم يصدق على هذا البروتوكول إلا اليونان وإسبانيا والبرتغال.
كما يحظر ميثاق الحقوق الأساسية للإتحاد الأوروبي الاستنساخ البشري التناسلي و هذا الميثاق يُلزِم قانونياً مؤسسات الاتحادالأوروبي بموجب معاهدة لشبونة

رومانيا:

يحُظَر الاستنساخ البشري في ميثاق الحقوق الدستورية في رومانيا. وينظر إليه على أنها إنتهاك لحقوق الإنسان في سلامة هويتة وشخصيته

المملكة المتّحدة:

في 14 يناير عام 2001 وافقت الحكومة البريطانية على الخصوبة البشرية وعلم الأجنة (لأغراض بحثية) وفي عام 2001 لتمديد الأسباب المسموح بها لإجراء البحوث على الخلايا الجذعية والخلايا النووية البديلة عُدل على قانون الخصوبة البشرية وعلم الأجنة عام 1990 وكنتيجة سمح بالاستنساخ العلاجي ومع ذلك، ففي 15 نوفمبر عام 2001، فازت المجموعة المساندة للحياة بتحدي قانوني في المحكمة العليا، مما أبطل الأنظمة وترك جميع أشكال الاستنساخ غير المنظم في المملكة المتحدة مسموحة. و كان أمل المجموعة المساندة للحياة أن يسمح البرلمان بهذة القوانين الممنوعة.
واسرع البرلمان بالموافقة على قانون الاستنساخ التناسلي البشري لعام 2001 و حَظر الاستنساخ التناسلي خصوصاً. و تم إنهاء التساؤلات المتبقية فيما يتعلق بالاستنساخ العلاجي عندما اصدرت محاكم الاستئناف قرار مناقض للقرار السابق الصادر من المحكمة العليا.
تم منح أول رخصة في 11 أغسطس في عام 2004 إلى الباحثين في جامعة نيوكاسل للسماح لهم في البحث عن علاج لمرض السكري، ومرض باركنسون ومرض الزهايمر و الغت تشريعات الخصوبة، قانون الاستنساخ لعام 2001 و اجرت تعديلات مماثلة على القانون لعام 1990 و يسمح القانون لعام 2008 بإجراء تجارب على الأجنة الهجينة للإنسان وللحيوان.

الأمم المتّحدة:

في 13 ديسمبر عام 2001، بدأت الجمعية العامة للأمم المتحدة بوضع إتفاقية دولية لمنع الاستنساخ التكاثري البشري.
وسعت مجموعة من الدول، بما في ذلك إسبانيا وإيطاليا والفلبين والولايات المتحدة وكوستاريكا والكرسي الرسولي لتوسيع النقاش لحظر جميع أشكال الاستنساخ البشري، مشيرين إلى أن الاستنساخ البشري العلاجي، في رأيهم، ينتهك كرامة الإنسان. و اقترحت كوستاريكا اعتماد اتفاقية دولية لحظر جميع أشكال الاستنساخ البشري. ولعدم قدرتهم على الوصل إلى توافق في الآراء بشأن اتفاقية مُلزمة فأُعتمد في مارس 2005، إعلان الأمم المتحدة غير الإجباري بشأن الاستنساخ البشري و الذي دعا إلى حظر جميع أشكال استنساخ البشري لأنه يتعارض مع كرامة الإنسان.

الولايات المتّحدة الأمريكيّة:

في عام 1998 و 2001 و 2004 و 2007، صوَت مجلس نواب الولايات المتحدة لحظر كافة أشكال الاستنساخ البشري، سواء الإنجابية والعلاجية أولعدم حظرها.