• الأربعاء. نوفمبر 8th, 2023

(غرابيب بيض)

يونيو 28, 2017

بقلم رئيس التحرير / سام نان

التفّ الناس حول التلفاز حول العالم في شهر رمضان هذا العام لمشاهدة المسلسل المطلق عليه اسم «غرابيب سود» والذي كان يعرض الكواليس الداخلية لـ «الدولة الإسلامية» داعش، وكيف يفكرون وكيف يتحركون وكيف يقتلون وما هي المبادئ الأساسية التي يرتكزون عليها للقيام بالأعمال الإرهابية.
ولكن… الغريب في هذا المسلسل وما لاحظته من آراء كثيرة، أن بعض المشاهدين كانوا يتعاطفون مع شخصية بطل المسلسل «أبي طلحة» أمير الجماعة «داعش» نظراً لأن المخرج صوّره شخصاً عاطفياً يحب امرأته ويعشقها، وأنه رغم أنه قاتل وإرهابي إلا أن له قلب يعرف الحب والعشق ولا يتوانى في أن يضحي بنفسه من أجل محبوبته التي هي زوجته بحسب المسلسل.
والغريب أيضاً طاقم العمل في المسلسل صوّروا الأمير كرجل عادل لم يتزوج إلا امرأة واحدة لأنه يحبها ويعشقها.
بل والأدهى من ذلك السياسة التي عرضها المسلسل للحاشية التي كانت تحيط بالأمير.
فربما تأثر طاقم العمل في المسلسل بالسياسات العربية حيث يظهرون الرئيس في صورة القائد الذي لا يعلم بما يفعل أفراد حكومته الذين يعملون تحت يده، بل إنهم يخدعون الرئيس بسياساتهم القذرة ولكن الرئيس لا حول له ولا قوة حيث إنه لم يعرف ما تفعل حكومته.
إنها السياسة المعتادة في بعض البلاد العربية أن «الرئيس آخر مَنْ يعلم» وحكومته هم أناس مبتزون يسلبون ويخططون مخططات دون علم القائد.
وبعد بثّ عشرين حلقة من المسلسل أدرك البعض أن المسلسل لا يندد بالإرهاب في حدّ ذاته ولكنه يندد بالحاشية التي تحيط بالأمير القائد ولكن المشاهد يتعاطف مع مشاعر القائد الذي قد لا يعلم ما يدور خلف ظهره.
وأن هناك مَنْ يعيشون معهم وينفذون أوامرهم عن غير رغبة بل عن ضغط وخوف ولم يرضون عما يفعلون.
وبناء عليه تمّ إيقاف حلقات المسلسل عند الحلقة العشرين واكتفوا بانتحار امرأة الأمير وكأن المسلسل يدور حول علاقة الأمير بزوجته تلك التي بانتهاء حياتها.
وترك الأمير لمكانه سائراً في طريقه بعد تشتيت حاشيته وكأن الدولة الإسلامية الداعشية قد انتهت بقتل زوجة الأمير.
إن مسلسل «غرابيب سود» لم يصف الصورة الحقيقية للإرهاب والإرهابيين بل ما هو إلا مسلسل درامي فيه جانب من الرومانسية.
فالحقيقة إن هذا المسلسل ما كان يجب أن يُطلق عليه اسم غرابيب سود بل «غرابيب بيض».