• الخميس. نوفمبر 9th, 2023

وقائع جلسة الاستفزاز والصخب وافتعال الصِدام أي نتائج للتصعيد العوني وهدنة الأسبوعين؟

يوليو 13, 2015

اذا كانت تسوية “لاغالب ولا مغلوب” على الطريقة “السلامية” الشهيرة انقذت الحكومة من انفجار كاد أن يكون حتميا مع افتعال وزير الخارجية جبران باسيل مشادة مع رئيس الوزراء تمام سلام على اعين الاعلام والصحافة قبيل بدء جلسة مجلس الوزراء “المفصلية” ، فان ذلك لم يحجب الآثار السلبية للهجوم العوني المنسق الذي توزع بين الداخل الحكومي والخارج “الشارعي”. صحيح ان التسوية “اشترت “هدنة اسبوعين للحكومة وللفريق العوني المدعوم “سياسيا “لا شارعيا من حلفائه “حزب الله” و”المردة” والطاشناق، لكن المواجهة في صورتها العامة شكلت مردودا سيئا للفريق العوني وإن يكن شاء الظهور مظهر منتزع المكسب الاول في “حربه” الناشئة على الرئيس سلام تحديدا.
ذلك ان تصعيد النبرة الكلامية ضد سلام الذي اضطر للمرة الاولى الى الرد بحدة على باسيل، لم يقتصر على وقائع الجلسة بل اتسع عبر اطلاق حملة تهجم واكبت الشعارات التي رفعها المتظاهرون العونيون والتي شابها بعد طائفي ابعد عنوان المطالب السياسية عن أطرها المعقولة.

كما ان نفي وجود قرار بتنظيم التحرك الاحتجاجي المواكب للجلسة والقول بأنه كان تحركا “عفويا” بدده التجمع منذ الصباح
في سن الفيل ومسارعة مجموعات الناشطين عند الاشارة الاولى التي صدرت مع افتعال المشادة في مستهل الجلسة الى وسط بيروت مما أثار تساؤلات عما اذا كان القول بعفوية التحرك يعكس استشعارا بفتور الاستجابة للتحرك على النطاق الواسع الذي رغب فيه الفريق العوني ولم يكن على مستوى طموحاته. ولعل النقطة السلبية الثالثة تتمثل في الالتباس الذي نشأ عن التسبب بمواجهات بين المتظاهرين والقوى الامنية والعسكرية والتي أوقعت جرحى في صفوف المتظاهرين بينهم النائب حكمت ديب الذي أصيب بكسر في احدى أصابع يده كما في صفوف العسكريين.
تسوية وايقاع صاخب
وعلم أن تسوية “لا غالب ولا مغلوب” التي انتهت اليها جلسة مجلس الوزراء امس تمثلت في إقرار الحكومة بند المستشفيات كما طلب رئيس الوزراء في مقابل الموافقة على أن تبحث الجلسة المقبلة للمجلس بعد أسبوعين في آلية عمل الحكومة .وقد ولدت هذه التسوية وسط صخب حاد بدأ قبل إفتتاح الجلسة بسبب مبادرة الوزير باسيل الى الكلام على صلاحيات رئيس الجمهورية من دون أذن من الرئيس سلام الذي قاطعه وطالبه بالتزام النظام وسط تصفيق من أكثرية الوزراء. بعد ذلك انتحى وزير الداخلية نهاد المشنوق بالوزير باسيل خارج قاعة مجلس الوزراء للتشاور في مخرج ومن ثم انضم الوزيران المشنوق وباسيل الى لقاء مع الرئيس سلام ووزير التنمية الادارية محمد فنيش تخلله عرض هذه التسوية تمهيدا لاعتمادها في الجلسة الموسعة للحكومة. وفي هذه الاثناء دخل وزير الصحة وائل أبو فاعور ووزير المال علي حسن خليل منتقدَين عدم إشراكهما في المشاورات، فبادر الوزير المشنوق الى شرح ما جرى فوافقا عليه لتسلك الامور بعد ذلك في اعمال الجلسة. والخلاصة لما انتهى اليه الفصل الحكومي الاخير، هو احترام صلاحيات رئيس مجلس الوزراء وإعطاء الفرصة لـ”حزب الله” و”التيار الوطني الحر” و”المردة” والطاشناق لبحث آلية عمل الحكومة.
كما علمت “النهار” أن مجلس الوزراء، وبعد اقفال أبوابه دون وسائل الاعلام التي غطّت المشادة بين سلام وباسيل شهد أيضا معاودة الجدل بين رئيس الوزراء ووزير الخارجية. ومما قاله الرئيس سلام للوزير باسيل: “أنت بلا وفاء وبلا ذوق. لقد مضى عليّ سنة ونصف سنة وأنا أتحمّل تعطيلك ودلعك وتأتي اليوم لتتكلم على الآلية والدستور؟”. فصفق وزراء “اللقاء التشاوري” و”المستقبل” والاشتراكي للرئيس سلام .ثم تولى عدد من الوزراء الكلام ولاسيما منهم الوزير المشنوق الذي قال: “نحن أمام مشكلة لا يمكن تجاهلها كما لا يمكن التطاول على صلاحيات رئيس الحكومة من حيث إفتتاح الجلسة ومن حيث جدول الاعمال، علما أن الرئيس سلام هو الاكثر حرصاً على تطبيق الطائف”. وكانت مداخلة للوزير بطرس حرب انتقد فيها بشدة انحراف الجلسة عن الاصول مما يشكل سابقة خطيرة في عمل مجلس الوزراء وشدد على انه لا يحق لاي وزير دستورياً ترؤس الجلسة لان تطبيق هذه النظرية يؤدي الى ترؤس 24 وزيراً مجلس الوزراء. واكد ان المحافظة على صلاحيات رئيس الجمهورية تبدأ بانتخاب رئيس وليس بتعطيل جلسات انتخابه وتفريغ موقع الرئاسة المسيحي. وطرح اقتراحاً باقرار بند أو بندين من جدول الاعمال ومن ثم تؤجل الجلسة افساحا في المجال للتفتيش عن حل.
وبعدما سلكت التسوية طريقها الى التنفيذ، قال وزير العمل سجعان قزي قبل ختام الجلسة: “أنه يوم قرف، والسياسة قبل كل شيء أخلاق. وقبل أن نبحث عن آلية دستورية يجب أن نبحث عن آلية أخلاقية. وقبل أن ندخل الجلسة كنا نسأل عن صلاحيات رئيس الجمهورية وخرجنا من الجلسة نسأل عن صلاحيات رئيس الحكومة. ونحن لا نقبل بتسويات حول عمل الحكومة خارج طاولة مجلس الوزراء”. وعندما أعلن الرئيس سلام إجازة أسبوعيّن للحكومة، سأله وزراء عن الموعد المقبل للجلسة، فأجاب أنه بعد عيد الفطر مباشرة على أن تبحث في الالية وجدول الاعمال.
ولاحظت مصادر وزارية أن الجيش تمكّن من اسقاط اضطراب خطير كان سيقع لو وصل المتظاهرون الى السرايا واصطدموا مع حرسها أو طوّقوا الحكومة وهي مجتمعة، والا فإن المشكلة كان يمكن ان تؤدي الى صدام دموي وربما الوصول الى القول إن حرس رئاسة الحكومة قد تعرّض بالضرب والعنف للمتظاهرين العونيين.
وتشهد السرايا اليوم زيارات تضامن وتأييد للرئيس سلام وفي طليعة الزوار الرئيس ميشال سليمان وعدد كبير من الوزراء. وعلمت “النهار” أن الامانة العامة لقوى 14 آذار التي تعقد اجتماعاً استثنائيا اليوم سوف تندد في بيان بـ”الكلام التحريضي والإنفصالي والمذهبي” الذي صدر أمس، كما سيتشكل وفد مشترك من الأمانة العامة و”المجلس الوطني لمستقلي 14 آذار” يزور الرئيس سلام مؤكداً التضامن معه ومع الحكومة. وتوجه بعد ظهر أمس الرئيس فؤاد السنيورة والوزير المشنوق الى جدة للقاء الرئيس سعد الحريري والتشاور معه في التطورات.
عون
في المقابل، وصف العماد ميشال عون ما جرى أمس بأنه “البداية التي سنكملها” وانتقد بشدة ” استخدام القوة ضد مناصرينا” سائلاً “الشعبة الخامسة في اليرزة ما قيمة البيانات التي أصدرتموها لتبرروا اعتداءاتكم على مناصرينا”. وحمل بعنف على “من يقول لنا انزلوا الى مجلس النواب وانتخبوا رئيس الجمهورية” قائلاً: “لن نسمح لاحد مهما علا شأنه بعد اليوم ان يطلب مني النزول الى المجلس فأين كان صوته حين خرق الدستور أكثر من مرة “. وتوعّد “بمفاجآت كثيرة”، مشدداً على انه لن يكون انتخاب لرئيس الجمهورية قبل انتخابات نيابية جديدة وقانون انتخاب جديد.