• الخميس. نوفمبر 9th, 2023

هل يتمكن أكراد سوريا من تحقيق طموحهم الإقليمي؟

يوليو 31, 2016

لينا سنجاب

حينما اندلعت حركة الاحتجاجات السورية عام 2011، كان الشباب الأكراد في مدينة عامودا شمالي البلاد قد خرجوا في مظاهرات حاشدة يطالبون بالحرية والديمقراطية.

وعلى الفور، أعلن الرئيس بشار الأسد أنه سيعترف ببعض الحقوق التي طالب بها الأكراد، والسماح لهم بالتسجيل كمواطنين والحصول على بطاقات هوية، وهي الحقوق التي حُرموا منها منذ عام 1962.

غير أن الأكراد رفضوا تلك التنازلات، وقالوا إنهم سينتظرون الحصول على حقوقهم، عندما ينال السوريون جميعا الحرية والديمقراطية.

وبعد خمس سنوات، بات المشهد مختلفا. فبينما امتدت الحرب إلى كل سوريا، اغتنم الأكراد الفرصة للحصول على المزيد من النفوذ.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني عام 2013، أعلن حزب الاتحاد الديمقراطي الحكم الذاتي في المنطقة الكردية بسوريا.

وشكلت الأحزاب الكردية الأخرى المجلس الكردي الوطني، الذي يعتبر جزءا من الائتلاف الوطني السوري، التكتل الرئيسي المعارض للرئيس بشار الأسد.

وتربط حزب الاتحاد الديمقراطي علاقات وثيقة بحزب العمال الكردستاني (بي كيه كيه) الذي حظرته تركيا وتصنفه دول غربية كمنظمة إرهابية.

ويقول الصحفي الكردي السوري، فاروق حاجي مصطفى، مؤسس مركز براتشاف للإعلام والحرية في مدينة غازي عنتاب جنوبي تركيا: «حزب الاتحاد الديمقراطي يتمتع بشعبية فعلية لأنه كان يتصدى لمشاكل السكان الأكراد. فأعضاؤه براغماتيون ومنظمون على عكس الأحزاب الكردية الأخرى التي فشلت في مواجهة تلك المشاكل».

وأضاف أنهم «تعرضوا لاعتداءات من بعض الجماعات الإسلامية، مثل جبهة النصرة، وبالتالي شعر الأكراد بأنهم ليسوا جزءا من الثورة السورية. وفكروا في ضرورة اغتنام الفرصة وحماية مصالح الأكراد».

وتابع أن «حزب الاتحاد الديمقراطي أبلى بلاءً حسنا وتلقى دعما من خلال اتفاقات إقليمية ودولية منذ أن أصبح القوة الوحيدة التي يعتمد عليها في القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية».

«وجه آخر للنظام السوري»

لكن حاجي مصطفى يقول إن الحزب بات حزبا شموليا ورافضا لمظاهر معارضة حكمه، وتعامل بعنف ضد البعض في مجتمعه.

وفي وقت لاحق، شكل حزب الاتحاد الديمقراطي قوات سوريا الديمقراطية إلى جانب بعض العشائر العربية، وأصبحت «قوات سوريا الديمقراطية» إحدى القوى الرئيسية داخل جبهة القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا، بدعم من قوات التحالف الغربي.

غير أن هناك انتقادات لقوات سوريا الديمقراطية بشأن كيفية ما قيل عن تعاملها تجاه خصومها من الأكراد والمدنيين في المناطق التي تقاتل فيها.

وذهب البعض إلى أبعد من ذلك، إذ اتهموها بأنها وجه آخر للنظام السوري.

شيرو علو، الناشط المعارض في بلدة عفرين بمحافظة حلب شمالي سوريا، كان جزءا من المعارضة الكردية لكنه اضطر لمغادرة بلدته، كما يقول، بسبب تهديدات حزب الاتحاد الديمقراطي له.

وأضاف: «لقد هددونا واعتقلونا واعتدوا علينا خلال احتجاجاتنا. فأي شخص يعارضهم يُزج به في السجن. فالبعض سجن لعامين أو ثلاثة أعوام».

ويتفق بعض الناشطين العرب مع وجهة النظر هذه، ويقولون إنهم شاهدوا تجاوزات من تنظيم الدولة الإسلامية في تل أبيض، وهي مدينة تقطنها أغلبية عربية على مشارف مدينة الرقة، التي استولت عليها وحدات حماية الشعب الكردي، الجناح العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي.

«عندما دخلت قوات حزب الاتحاد الديمقراطي تل أبيض عام 2015، طردوا جميع العرب من منازلهم»، حسبما ذكر أحمد حاج صالح، الذي يوثق نشاطات الحزب منذ 2015.

وأضاف: «لقد نهبوا وعذّبوا وسجنوا. وكانوا يدفنون الناس أحياء في نفس الحفر التي استخدمها مسلحو تنظيم الدولة كمقابر جماعية.»

وتابع أن «غالبية العرب الذين طردوا لم يكن يسمح لهم بالدخول إلى مناطق بعينها في تل أبيض، كما أن أسر المقاتلين الأكراد تسكن الآن منازلهم، وكان من يسمح له بالعودة يحتاج إلى كفيل كردي قبل أن يتمكن من العودة إلى بلدته».

وقال متحدث باسم حزب الاتحاد الديمقراطي، يدعى جوان مصطفى، إن القوات الكردية لم ترتكب أي مخالفات. وأضاف أنه «لا انتهاكات في تل أبيض. وكل الأسر التي غادرتها عادت إليها».

وفي وقت سابق، اعترف الحزب ووحدات حماية الشعب الكردي بما سموه بعض «الحوادث الفردية» للتهجير القسري.

ولم تظهر أي صور لتجاوزات مزعومة خلال المعركة الحالية لاستعادة منبج، التي تقطنها أغلبية عربية ويسيطر عليها مسلحو تنظيم «الدولة الإسلامية» بالقرب من معقلهم، مدينة الرقة.

ويشن هذا الهجوم قوات تضم قوات الدفاع الذاتي ومجلس منبج العسكري الموالي لها.

ويقول المتحدث باسم مجلس منبج العسكري، شروان درويش، إنهم يبذلون ما في وسعهم لحماية المدنيين أثناء طردهم مسلحي تنظيم الدولة من المدينة.وأضاف أنه «ليس لدينا ما نقوم به مع من سيحكم منبج، أو كيف ستُحْكَم المدينة. فالمجلس المدني هناك هو الذي سيقرر».وقال «إننا هنا لحماية المدنيين وتحرير مدينتهم. فالأمر يعود إليهم في كيفية إدارتها بعد ذلك.»

«تهديد مشترك»

وحدد حزب الاتحاد الديمقراطي أهدافه بما يتفق مع مصالحه الخاصة الطويلة المدى. فسيطر على معظم الأراضي التي يقطنها الأكراد في سوريا، وهو الآن يدرس إعلانها منطقة اتحاد فيدرالي.

وقدّم الحزب نفسه شريكا للمجتمع الدولي في محاربته تنظيم الدولة الإسلامية وأعلن مؤخرا دستورا لتنظيم ما أطلق عليه «روجافا»، وهي المناطق الكردية في سوريا، إلى جانب مناطق شمالي البلاد بالشراكة مع بعض القبائل العربية هناك.

ولقي هذا التمدد الإقليمي وقوة الحزب الجديدة دعما من الولايات المتحدة وروسيا.

لكنه أثار قلق دمشق والحكومة التركية، خصم الرئيس الأسد.

وذكرت تقارير في الآونة الأخيرة أن الجزائر تقوم بدور الوساطة في مفاوضات بين دمشق وأنقرة بشأن تهديد الأكراد المشترك.

وعلى الرغم من أن البعض يعتقد بأن الحكومة السورية ساعدت في تسهيل دور حزب الاتحاد الديمقراطي في الشمال في بداية الصراع، لكن الحقيقة هي أن الجماعة باتت الآن أقوى وهو ما يثير قلق دمشق.

ولا ترغب تركيا في إقامة دولة كردية على حدودها، كما أن هناك علاقات بين حزب الاتحاد وحزب العمال الكردستاني، الذي تحمله تركيا مسوؤلية كثيرٍ من الهجمات في البلاد.

الحاجة إلى إجماع

وبينما أثبت الأكراد أنهم مصدر يمكن الاعتماد عليه في الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية شمالي البلاد، فإن هناك بعض القلق بشأن طموحهم في الانفصال كلية عن باقي سوريا. ويعرب إسماعيل شريف، الصحفي الكردي من عامودا، عن رغبته في أن تكون سوريا بلدا ديمقراطيا ومتحدا. وترك شريف بلدته بسبب مخاوفه من هجمات انتقامية يشنها حزب الاتحاد الديمقراطي.

ويرى شريف أن إنشاء دولة كردية والانفصال عن البلاد لا يزال صعبا.

وأضاف: «للأسف، هناك حرب بالوكالة، وهناك الكثير من المستبدين في سوريا. لا أعتقد بأنه سيكون هناك انقسام للبلاد».

وقال إن «حزب الاتحاد الديمقراطي لا يتمكن من إدارة منطقة واحدة من عين العرب إلى عفرين وفي وسطها بلدات وقرى عربية كثيرة».

وتابع أنه «لا يمكنهم فرض حكمهم على المنطقة دون التوصل إلى اتفاق بين جميع السوريين في إطار بلد حر وديمقراطي يضمن المساواة والحقوق الكاملة لجميع مواطنيه».